وقّعت المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية أمس اتفاقية استراتيجية لإنشاء أول شبكة أنابيب للهيدروجين الأخضر تربط بين منشآت إنتاج الهيدروجين في منطقة نيوم السعودية ومحطات تحويل الأمونيا في قبرص الغربية مرورًا بمحطات استقبال في مدينة بورسعيد المصرية وذلك بالتعاون مع تحالف صناعي يضم شركة “آير ليك” النرويجية وشركة “سامسونج هيتاشي” الكورية وشركة “الهندسة والاتصالات” السعودية مما يمثّل خطوة جريئة لتعزيز أمن الطاقة وتشجيع التجارة النظيفة بين القارات
يبلغ طول الخط 1200 كيلومتر ويمتد من واحات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في نيوم إلى السواحل المصرية حيث يتم شحن الهيدروجين المضغوط إلى مرافق التحويل إلى أمونيا خضراء عبر محطات ضخ ذكية تعتمد على الطاقة المتجددة لتشغيل المضخات وتبريد الأنابيب وقد طُورت تقنية العزل الحراري للأنبوب لتقليل فقد الطاقة أثناء النقل لمسافات طويلة حيث تصل نسبة الفقد إلى أقل من اثنين بالمئة
تشمل بنية المشروع إنشاء محطات ضخ رئيسية كل 200 كيلومتر مجهزة بأنظمة مراقبة ذكية ومستشعرات لقياس الضغط ودرجة الحرارة والرطوبة وتغذية هذه المحطات بالطاقة الكهربائية النظيفة من مزيج من الألواح الشمسية والمنشآت الرياحية وهي تقنيات مشابهة لتلك المستخدمة في مشروع كهرباء نيوم البحرية مما يضمن تشغيلًا مستمرًا دون انقطاع وبكفاءة تشغيليّة عالية
ساهم في تمويل شبكة الأنابيب صندوق الاستثمارات العامة السعودي وبنك التنمية الإفريقي والبنك الألماني للتعمير والتطوير كما قدّمت مصر من جانبها دعمًا لوجستيًا من خلال توفير موانئ ومناطق حرة للربط البحري والمحطات الفرعية إضافة إلى تخصيص أراضٍ في بورسعيد لإنشاء محطات التحويل والتصدير وهو ما يُعزّز من فرص الشراكات المحلية والنقل العابر للطاقات المتجددة إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية
أوضح وزير الطاقة السعودي أن المشروع سيسهم في تصدير ما يقارب خمسة ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030 مما يدعم رؤية المملكة لتنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على النفط وفي الوقت نفسه يوفر مصر إمدادات ثابتة من الأمونيا الخضراء اللازمة لصناعة الأسمدة ويمكّنها من تأمين احتياجاتها الزراعية الصناعية بأقل تكلفة كربونية ممكنة
قال وزير البترول المصري إن الشبكة ستعمل على تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للربط بين أسواق الطاقة الآسيوية والأوروبية ويدفع تشغيل مرافق التحويل في بورسعيد إلى خلق آلاف الوظائف في قطاعات الهندسة واللوجستيات والخدمات البحرية كما سيسهم في تطوير البنية التحتية للموانئ ومناطق الحاويات ويعزز من تنافسية قناة السويس كممر رئيسي لشحن الطاقة النظيفة عبر البحر المتوسط
تتضمن مراحل المشروع القادمة إجراء الاختبارات النهائية لضاغطات الهيدروجين وأنظمة الأمان ومحطات التفتيش الآلي التي تكشف عن أي تسرب أو تلف في الأنبوب كما ستجري الجهات الفنية تقييمات بيئية شاملة لآثار المدخلات البحرية والبرية على التنوع الحيوي ويجري التنسيق مع المنظمات الدولية للالتزام باتفاقية باريس للمناخ وضبط الانبعاثات بما يحقق الحد من بصمة الكربون طوال دورة المشروع
يتوقع خبراء الطاقة أن تحفّز هذه الشبكة الشبكات المستقبلية للهيدروجين في دول مجلس التعاون الخليجي وشمال إفريقيا وقد أطلقت كل من الإمارات والبحرين وموريتانيا مبادرات مماثلة لدراسة إنشاء محاور نقل مشتركة بحيث تتشارك الدول في إنتاج الطاقة النظيفة والنقل التصاعدي للعناصر الخضراء وبذلك تشكّل المنطقة حلقة وصل استراتيجية في الاقتصاد العالمي منخفض الانبعاثات.