افتتحت اليوم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية أول مزرعة للطاقة الشمسية العائمة على سطح بحيرة ناصر عند السد العالي بأسوان ضمن مشروع وطني طموح يهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 50 بالمئة من إجمالي مزيج الكهرباء بحلول عام 2030 وقد حضر حفل التدشين رئيس الوزراء ووزير الكهرباء ومحافظ أسوان وعدد من السفراء وممثلي الوكالات الدولية للطاقة المتجددة وسط تغطية إعلامية محلية ودولية واسعة نظراً لأهمية المشروع الفريدة كأول تجربة من نوعها في إفريقيا والشرق الأوسط.

 

يعتمد النظام على تركيب ألواح شمسية عائمة على منصات ذات قاع مغلق مثبتة بشبكات مقاومة للتآكل تحت الماء مما يضمن الثبات أمام تيارات البحيرة ومناخها الصحراوي الحار ويبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية للمزرعة 200 ميغاواط قادرة على توليد نحو 400 جيجاوات ساعة سنوياً مما يكفي لتزويد قرابة 200 ألف أسرة بالكهرباء النظيفة كما يقلل من تبخر المياه بنسبة تصل إلى 15 بالمئة بفضل الظل الجزئي الذي توفره الألواح فوق السطح المائي.

 

شارك في تنفيذ المشروع تحالف بين الشركة المصرية لنقل الكهرباء وشركة نرويجية رائدة في تقنيات الطاقة العائمة وشركة صينية متخصصة في تصنيع الألواح عالية الكفاءة وقد تضمنت الاتفاقيات نقل التكنولوجيا وتدريب أكثر من 300 مهندس وفني مصري على عمليات التركيب والصيانة بالإضافة إلى عقد شراكات بحثية مع جامعة أسوان ومعهد الطاقة الجديدة والمتجددة لإجراء دراسات ميدانية طيلة العام الأول لتقييم أداء الألواح واختبار تأثير العوامل الجوية والمائية على كفاءتها وتحديد أفضل معايير التشغيل والإدارة البيئية.

 

يُتوقع أن يسهم المشروع في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 250 ألف طن سنوياً مقارنة بمحطات توليد الكهرباء التي تعمل بالوقود الأحفوري كما يعزز من أمن الطاقة المحلي ويحد من كلفة الاستيراد الباهظة للوقود مع توفير ما يقرب من 500 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاعات الهندسة البحرية والتصنيع والخدمات اللوجستية للفئات الشابة في صعيد مصر مما يدعم جهود التنمية المتوازنة وتقليل الهجرة الداخلية نحو المدن الكبرى.

 

رُبطت المزرعة العائمة بنظام تحكم ذكي مركزي في القاهرة عبر شبكة ألياف ضوئية متخصصة تربط بين المحطة وشبكة الإمداد الوطنية حيث ترسل مستشعرات إنترنت الأشياء بيانات دقيقة عن مستوى الطاقة المنتجة وحالة الألواح ودرجة حرارة المياه ورطوبة الجو بالإضافة إلى نظام مراقبة بصري بالطائرات المسيرة لضمان اختبار الأداء الأمني والبيئي بشكل دوري وقد صُممت المنصة الرقمية للتكامل مع تطبيق “مصر الرقمية” ليتمكن المواطنون والباحثون من متابعة الإنتاج الفعلي وتطور تكلفة الميجاوات الفورية.

 

أعربت الدول الأفريقية المجاورة عن اهتمامها بالتجربة المصرية وتلقت مصر دعوات من إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا لمشاركة خبرتها في مشاريع الطاقة العائمة ضمن منتدى الطاقة المتجددة المزمع عقده في كيب تاون الشهر القادم كما أبدت جامعة إفريقيا العالمية رغبتها في تنظيم دورة دولية لخبراء الطاقة العائمة في أسوان قبل نهاية العام الحالي لتبادل التجارب وتوسيع نطاق البحث والتطوير في القارة.

 

تخطط وزارة الكهرباء لإطلاق مرحلتين إضافيتين للمزارع العائمة بقدرة إجمالية تصل إلى 800 ميغاواط بحلول 2027 تشمل بحيرة Qarun في الفيوم وبحيرات الصحراء الغربية ضمن خطة وطنية لترشيد استهلاك المياه وتعظيم الاستفادة من المسطحات المائية المتاحة مع رفع الوعي البيئي وتشجيع الاستثمارات الخاصة في قطاع الطاقة المتجددة العائمة بما يرسخ مصر كقائد إقليمي في تبني الحلول النظيفة والمبتكرة لمواجهة تحديات المناخ والطاقة.