في ظل السعي العالمي للانتقال إلى مستقبل مستدام وخالٍ من الكربون، يبرز قطاع التعدين بوصفه عنصرًا أساسيًا لا غنى عنه في دعم هذا التحول، فقد أكد تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ونقله مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، أن المعادن تلعب دورًا محوريًا في توفير مكونات أساسية لصناعة السيارات الكهربائية والبنية التحتية المرتبطة بالطاقة النظيفة، كما أشار التقرير إلى أن قطاع النقل يساهم بنحو 20٪ من الانبعاثات الكربونية عالميًا، وهو ما يجعل تطوير وسائل نقل أكثر استدامة هدفًا ملحًا يتطلب موارد طبيعية هائلة وعلى رأسها المعادن

السيارات الكهربائية تقود الطلب على المعادن

شهدت السيارات الكهربائية نموًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة، خاصة في الصين التي تقود السوق العالمي في هذا المجال، حيث ارتفعت مبيعات هذه السيارات بمعدل 45٪ سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية، ومن المتوقع أن تستمر بالنمو بنسبة 15٪ سنويًا خلال العقد القادم، وقد أدى هذا النمو المتسارع إلى زيادة الطلب على معادن بعينها مثل النحاس الذي يُفضل على الألومنيوم في صناعة هذه المركبات، نظرًا لكفاءته في التوصيل الكهربائي ودرجة أمانه العالية

  • استخدام النحاس في السيارات الكهربائية يزداد بمعدل 10.5٪ سنويًا

  • الاستخدام في وسائل النقل الأخرى لا يتجاوز نموه 0.5٪ سنويًا

  • الطلب المستقبلي لا يمكن تلبيته فقط من خلال التدوير

التحديات التي تواجه تدوير المعادن

رغم إمكانية استخدام المعادن المعاد تدويرها، إلا أن التحديات التقنية واللوجستية تجعل الاعتماد على المعادن الأولية مستمرًا لسنوات قادمة، فعلى سبيل المثال، يعد الفولاذ من أكثر المعادن التي يتم تدويرها، حيث تمثل الكميات المعاد تدويرها حوالي 70٪ من الإمدادات المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن التدوير ليكون فعالًا ومجديًا مقارنة بالتعدين، يتطلب أربعة شروط رئيسية:

  • توفر كميات كبيرة من الخردة

  • وجود بنية تحتية عالية التحضر

  • إمكانية الوصول إلى طاقة نظيفة بتكلفة منخفضة

  • استقرار أو انخفاض الطلب على المعدن المعاد تدويره

التعدين المستدام ضرورة لا خيار

أكد التقرير أن التعدين سيظل مكونًا جوهريًا في المرحلة الانتقالية للطاقة، لكنه يجب أن يتم وفق معايير صارمة تحترم البيئة والمجتمعات، وعلى الرغم من أن المناجم الجديدة قد تبدو أكثر تكلفة بسبب التزاماتها البيئية، فإن مستقبل التعدين لن يكون مقبولًا دون احترام معايير السلامة والاستدامة

إجراءات مطلوبة لتحقيق التوازن بين التعدين والطاقة النظيفة

  • على مصنعي السيارات الكهربائية التأكد من مصادر المعادن ورفض الموردين غير الملتزمين بالمعايير البيئية

  • على صانعي السياسات فرض رسوم جمركية على المنتجات القادمة من مناطق غير ملتزمة، مثل آلية تعديل حدود الكربون في الاتحاد الأوروبي

  • يجب على المستثمرين تقييم المخاطر البيئية قبل ضخ الأموال في مشاريع تعدين غير مستدامة

تكامل التعدين مع مستقبل نظيف

إن مستقبل النقل النظيف والطاقة المستدامة لا يمكن فصله عن قطاع التعدين، ولكن تحقيق التوازن يتطلب العمل على توحيد المعايير البيئية والاجتماعية عالميًا، حتى لا يصبح التطور التكنولوجي عبئًا على البيئة بل أداة لحمايتها وتعزيز رفاهية المجتمعات، فالتعدين النظيف لم يعد خيارًا بل هو أساس نجاح التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.