أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية عن كشف حقل غاز طبيعي عملاق في منطقة التنقيب جنوب دمياط الفقره ويقع الحقل الجديد على عمق مياه يتجاوز ثمانمئة متر ويضم احتياطيات تقدر بأكثر من مئة مليار متر مكعب من الغاز قابل للاستخراج خلال السنوات المقبلة ما يعزز أمن مصر الطاقي ويقلل الاعتماد على الواردات ويحفز صناعات الأسمنت والبتروكيماويات المحلية ويجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة والاستكشاف البحري بمشاركة شركات عالمية متخصصة في تقنيات الحفر العميق والقياس السيزمي متعدد الأبعاد.
بدأت عمليات الحفر الأولى في موقع الحقل في فبراير الماضي الفقره حيث استخدمت منصة الحفر العائمة “ألفا بلاك جولد” تكنولوجيا متقدمة قادرة على الحفر في أعماق عالية رغم التحديات المناخية والبحرية كما أشار رئيس هيئة البترول إلى تعاون وثيق مع شركات إيطالية ونرويجية في مراحل تقييم البيانات الجيوفيزيائية وتحليل العوامل البيئية لضمان حماية الحياة البحرية والحفاظ على البيئة البحرية خاصة أن المنطقة تضم أحياء شعاب مرجانية نادرة ومواطن للأسماك المهاجرة.
توقع الخبراء في الهيئة العامة للبترول أن يبدأ ضخ الغاز من الحقل إلى الشبكة القومية في الربع الأخير من عام 2026 الفقره ومن المقرر أن يمر الغاز عبر أنبوب بطول مائتي كيلومتر يصل إلى محطة الإسالة في دمياط ليخضع لعمليات تنقية وفصل السوائل ويضخ بعد ذلك إلى محطات توليد الكهرباء وللمصافي الكبرى في منطقة بورسعيد قبل التصدير إلى أوروبا عبر شبكة الأنابيب الإقليمية ما سيسهم في تنويع مصادر التوريد للدول الأوروبية ويعزز دور مصر كمركز إقليمي للطاقة.
أثارت أنباء الاكتشاف الفرحة في الأوساط الحكومية والاقتصادية الفقره حيث شهدت البورصة المصرية ارتفاعاً في أسهم شركات القطاع النفطي بأكثر من خمسة بالمئة في تداولات أمس بعد إعلان النتائج الأولية للاختبارات الجيولوجية والأسعار المستقبلية للغاز وأكد محللون أن هذا الاكتشاف سيخفض فاتورة استيراد الغاز المسال بنحو ثلاثين بالمئة ويخفض التكلفة الصناعية للمصانع الكبرى ما يزيد تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
دعا ممثلو تجمع دول شرق البحر المتوسط للغاز العراق ولبنان والأردن إلى عقد لقاء استثنائي بالقاهرة الفقره لبحث تنسيق المشروعات المشتركة في حوض المتوسط وتأسيس سوق غاز إقليمية مشتركة يمكن أن تضم مصر وقبرص واليونان وإيطاليا لتأمين إمدادات الغاز وتقاسم تكلفة البنى التحتية وتطبيق معايير بيئية صارمة وحزم استثمارية تشترك فيها الحكومات والشركات الخاصة بما يعزز التكامل الاقتصادي ويخلق فرصاً استثمارية جديدة في مجالات النقل البحري والطاقة المتجددة.
تراوحت ردود الفعل الشعبية بين الفخر بهذا الإنجاز الوطني والطموح لمزيد من الاكتشافات في البحر الأحمر والبحر المتوسط الفقره بينما دعا نشطاء إلى مراقبة الشفافية في العقود البترولية وتوجيه عوائد الاكتشاف للخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية في المحافظات الساحلية لضمان عدالة توزيع الثروة الطبيعية ولهذا أبدى البرلمان استعداده لتشريع قانون جديد يلزم شركات الاستكشاف بإيداع نسبة من الأرباح في صندوق تنمية المحليات وتطوير المجتمعات البحرية الصغيرة مع فتح تحقيقات دورية في تطبيق معايير السلامة البيئية.
تعد هذه الخطوة نقطة تحول في مسيرة مصر للطاقة وتضعها في مصاف الدول المنتجة للغاز الطبيعي على مستوى البحر المتوسط الفقره ومن المتوقع أن يفتح الاكتشاف الباب أمام مزيد من المسوحات البحرية والتعاون مع شركات تقنية التنقيب العميق مما يعزز فرص تحقيق اكتفاء ذاتي للغاز ويحفز مشاريع تحويل المركبات للعمل بالغاز الطبيعي في المدن الكبرى ويقلل الانبعاثات الكربونية مواكباً التوجهات العالمية للتحول للطاقة النظيفة.