أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس، يوم الجمعة 10 يناير 2025، مرسومًا ملكيًّا بالعفو عن 1304 محكوما عليهم من مختلف المحاكم المغربية، وذلك بمناسبة ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال لعام 1944، وهي الذكرى التي يحتفل بها المغرب سنويًّا تكريمًا لرواد الحركة الوطنية.
فئات المستفيدين وشروط العفو
شمل العفو الملكي منح تخفيض العقوبة أو إبراء البعض مما تبقى من مدد السجن، واستهدف الطبقات والحالات التالية، بشرط استيفائها لكافة الشروط القانونية:
- من هم في حالة سراح وتمت مراجعة ملفاتهم لتخفيض العقوبة أو رفع جزء منها.
- المعتقلون في السجون ممن قضوا شروطًا جنائية محددة، فتضمن العفو إبراء ما تبقى من العقوبة لبعضهم، وتخفيض فترات السجن عن آخرين.
- من لديهم جنح بسيطة أو محكوم عليهم بأحكام أقل خطورة، حيث شملت قائمة المستفيدين حالات تتعلق بمخالفات مرورية وإدارية واجتماعية.
وأكد بيان لوزارة العدل المغربية أن هذه المبادرة تعكس روح التكافل والاعتبار الإنساني في السياسة الجنائية، وأنها تأتي في إطار التوجيهات الملكية لرحمة المحكوم عليهم وإعادة إدماجهم في المجتمع.
دوافع ومقاصد العفو الملكي
يرجع صدور هذا العفو إلى أهداف عدة، أبرزها:
- التخفيف عن السجون وتقليص الاكتظاظ داخل المؤسسات العقابية عبر منح فرصة لإعادة التأهيل للمستفيدين.
- التكافل الاجتماعي وتعزيز دور العائلة في إعادة إدماج المحكوم عليهم بعد قضاء جزء من العقوبة.
- تجسيد قيم التسامح التي يوليها الملك محمد السادس أهمية خاصة، باعتبارها قيمة أساسية في الثقافة المغربية.
- ارتباط الفعل التاريخي بالذكرى الوطنية لعرض وثيقة المطالبة بالاستقلال، ما يضفي بعدًا رمزيًّا لرحمة العرش تجاه أبناء الوطن.
رحبت وزارة العدل المغربية بهذا القرار، مشيدةً بالتنسيق بين وزارة الداخلية وهيئة المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج لإنجاز ملف العفو في وقت قياسي.
كما تداول ناشطون ومواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاجًا يحمل عنوان #عفو_ملكي_2025، مؤكدين أن القرار يساهم في تخفيف معاناة آلاف الأسر ويوطد مبدأ المحبة والعدل في المجتمع المغربي.
يمكن القول إن عدد المستفيدين هذا العام يتماشى مع معدلات العفو الملكي في السنوات الأخيرة، حيث يصدر العاهل المغربي أوامره بالعفو بمناسبات وطنية ودينية عدة مثل ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال وعيد العرش وعيد الأضحى، لتأكيد الاستمرارية في التخفيف عن المحكوم عليهم وتطبيق سياسة العقوبة الإصلاحية بدل العقوبة الردعية الصرف.
خطوات ما بعد العفو
رغم الأثر الإيجابي لهذا القرار، تواجه السلطات تحديًا في متابعة المستفيدين وضمان اندماجهم السلس في المجتمع، الأمر الذي يستلزم:
- تنسيقًا مع منظمات المجتمع المدني لتوفير برامج دعم نفسي واجتماعي للمفرج عنهم.
- تطوير برامج تدريب مهني تساهم في توفير فرص عمل للمستفيدين تقود إلى حياة كريمة.
- متابعة قضائية واجتماعية لمن عادوا إلى المجتمع، لمنع انتكاسات أو جرائم مسلكية قد تضر بالهدف الإصلاحي للعفو.
يظل العفو الملكي عن 1304 محكوما عليهم حدثًا إنسانيًّا وقانونيًّا بارزًا، يعكس حرص العاهل المغربي على تحقيق التوازن بين العدالة والرأفة، وضمان حقوق السجناء وإعادة إدماجهم في النسيج الاجتماعي بكل كرامة وإنسانية.