في لحظة مؤثرة وتاريخية، توّج المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي، بجائزة السعفة الذهبية في الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي، عن فيلمه الجديد "مجرد حادث"، الذي صُوّر في الخفاء داخل إيران، وبدون أي تمويل من الدولة.
السعفة الذهبية في كان تذهب للمخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي عن فيلمه السري "مجرد حادث"
الفيلم، الذي يُعد بمثابة رسالة فنية جريئة مليئة بالانتقادات اللاذعة للسلطات الإيرانية، مثل عودة بناهي المنتصرة إلى الساحة الدولية، حيث تسلّم الجائزة من رئيسة لجنة التحكيم، الممثلة الفرنسية الشهيرة جولييت بينوش، وسط تصفيق حار من الحاضرين.
عودة بعد غياب 15 عامًا
ويُعد هذا الفوز أول ظهور لبناهي في مهرجان دولي منذ أكثر من 15 عامًا، بعد أن بدأت ملاحقاته القضائية في إيران والتي أدت إلى منعه من السفر ومصادرة جواز سفره لسنوات طويلة.
خلال هذه الفترة، ورغم القيود، نجح المخرج البالغ من العمر 64 عامًا في إخراج عدد من الأفلام المؤثرة، أبرزها: "تاكسي طهران": الفائز بـ"الدب الذهبي" في مهرجان برلين 2015؛ "ثلاثة وجوه": الفائز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان 2018؛ "الدببة غير موجودة": الفائز بجائزة خاصة من لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا 2022.
من السجن إلى المجد
وكان بناهي قد تعرض للسجن عام 2022 لمدة 7 أشهرعلى خلفية تهم تتعلق بـ"الدعاية ضد النظام"، بعد أن حكم عليه بالسجن ست سنوات عام 2010، بالإضافة إلى منعه من إخراج الأفلام والسفر خارج البلاد لمدة 20 عامًا.
لكن في أبريل 2023، استعادت قضيته زخمها الدولي، حيث أعيد له جواز سفره وحقه في السفر، ما سمح له بمغادرة طهران، والالتحاق بأسرته المقيمة في فرنسا، وتحديدًا بابنته التي تقيم هناك.
"مجرد حادث".. فيلم صُوّر سرًا داخل إيران
فيلم "مجرد حادث" الذي منحه السعفة الذهبية، تم تصويره دون تراخيص رسمية وبدون تمويل حكومي، ما اعتبره البعض عملاً فنيًا مقاومًا في حد ذاته.
ورغم ظروف الإنتاج المعقدة، فإن الفيلم أبهر لجنة التحكيم بطرحه الجرئ وصوره الواقعية، ليُعد واحدًا من أكثر الأفلام السياسية تأثيرًا في دورة مهرجان كان لهذا العام.
يمثل فوز جعفر بناهي انتصارًا للفن الحر وحرية التعبير، ورسالة قوية من مهرجان كان للعالم، مفادها أن الإبداع لا يمكن تقييده، وأن الكاميرا يمكن أن تكون سلاحًا في وجه القمع.
وبينما تسطع "السعفة الذهبية" على مسيرته، يُعيد بناهي التأكيد على أن السينما قادرة على كسر القيود، حتى عندما تُصنع خلف الأبواب المغلقة.