تحولت حياة امرأة مكسيكية تدعى أليخاندرا أكوستا من الفقر والحاجة إلى الثراء المفاجئ، ثم إلى الاعتقال والملاحقة القضائية، بعد أن تلقت تحويلاً بنكيًا بالخطأ بلغ أكثر من 26 مليون دولار أمريكي، ما يعادل نحو 510 ملايين بيزو مكسيكي، بدلاً من مبلغ النفقة المنتظر والبالغ 8000 دولار فقط.

 

من هبة من السماء إلى كابوس قانوني: تحويل بنكي بالخطأ يضع امرأة مكسيكية خلف القضبان

كانت أليخاندرا تعيش في وضع اجتماعي هش، تنتظر مبلغ النفقة لمساعدة أسرتها، لكنها استيقظت ذات صباح لتجد في حسابها المصرفي مبلغًا خياليًا لم تتخيله يومًا وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، قالت:"وجدت هذا المال وشعرت بحاجةٍ ماسةٍ إليه... ظننت أنه هبة من الله".

 

المفاجأة الكبيرة دفعتها للإنفاق فورًا على نفسها وعائلتها، فاشترت أجهزة كهربائية، مواد غذائية، ثلاجة، تلفزيونين، تجهيزات منزلية، وحتى سيارة "فورد كا" موديل 2014 كما أجرت 66 عملية تحويل بمبالغ تصل إلى 500 ألف بيزو في كل مرة، إلى أفراد من أسرتها ومعارفها.

 

الخطأ القاتل: تحويل حكومي ضخم بالخطأ

في حين اعتقدت أليخاندرا أن المبلغ هو منحة أو هبة مجهولة المصدر، كشفت التحقيقات أن الخطأ وقع من جهة حكومة ولاية سان لويس المكسيكية، بعد أن أدخل أحد المحاسبين رقم حسابها عن طريق الخطأ ضمن عملية تحويل حكومية ضخمة.

 

وبعد اكتشاف الخطأ، بدأت السلطات التحقيقات، ثم طالبت أليخاندرا بإعادة الأموال، لكن بعد فوات الأوان، حيث كانت قد أنفقت جزءًا كبيرًا من المبلغ، ولم تعد قادرة على إرجاعه بالكامل.

 

اعتقال ومطالبات قانونية

السلطات لم تكتفِ بالمطالبة باسترداد الأموال، بل ألقت القبض على أليخاندرا، وبدأت في ملاحقتها جنائيًا بتهم تتعلق بـ"الاستيلاء غير المشروع على أموال عامة"، رغم دفاعها بأنها لم تكن تعلم بمصدر الأموال ولم تتصرف بسوء نية.

 

وفي تصريحاتها المؤثرة، قالت:"لم نكن نعلم أنها أموال حكومية، ولم نتصرف بسوء نية الآن يعاملوننا كمجرمين، لكن الخطأ لم يكن خطأنا".

 

ردود فعل الرأي العام

القضية أثارت جدلاً واسعًا في المكسيك، وانقسمت آراء المواطنين بين متعاطف مع المرأة بسبب ظروفها الاجتماعية، ومَن يراها قد ارتكبت فعلاً غير قانوني كان يجب التبليغ عنه.

 

البعض وصف ما حدث بأنه "خطأ كارثي تتحمل مسؤوليته الحكومة"، بينما رأى آخرون أن الإنفاق على المال دون التأكد من مصدره يُعد مخالفة صريحة، خاصة بعد تحويل مبالغ كبيرة لعشرات الأشخاص.

 

تعيد هذه الحادثة تسليط الضوء على أهمية التحقق من مصادر الأموال التي تصل إلى الحسابات البنكية، وضرورة الإبلاغ الفوري عن أي مبالغ غير متوقعة، حتى لو كانت النوايا سليمة كما أنها تطرح أسئلة قانونية حول مدى مسؤولية الأفراد عن أخطاء المؤسسات، خاصة عندما يكون الشخص المتلقي غير مؤهل قانونيًا أو تقنيًا لفهم طبيعة التحويلات المعقدة.

 

ما بدأ كـ"نعمة" بالنسبة لأليخاندرا أكوستا، تحول إلى كابوس قانوني وعائلي، وهي اليوم تواجه مصيرًا قد يقودها إلى السجن لسنوات، بسبب خطأ لم ترتكبه بيدها، لكنه وقع في حسابها.

 

قضية تمثل تداخلاً دقيقًا بين الأخلاقيات والقانون والبيروقراطية، وتبقى مثالًا صارخًا على كيف يمكن لتحويل بنكي واحد أن يغير حياة إنسان للأبد، في الاتجاه الخاطئ.