تتزايد المخاوف والقلق بين سكان المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط، وذلك على خلفية تداول أخبار وتحذيرات بشأن احتمالية وقوع كارثة بحرية. هذه التحذيرات، التي انتشرت بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتحدث عن زلازل محتملة، وعواصف قوية، وحتى انفجارات بركانية في قاع البحر. وبينما يسود القلق، يحاول الخبراء والعلماء طمأنة الجمهور، مع التأكيد على أن التنبؤ الدقيق بالزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى لا يزال أمرًا صعبًا للغاية. ومع ذلك، فإن دراسة الظواهر الجيولوجية والبحرية المستمرة تظل ضرورية لفهم المخاطر المحتملة واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.

 

لا يوجد نشاط زلزالي غير طبيعي حتى الآن

 

أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، أنه حتى الآن لم تصدر أي تقارير علمية موثوقة تشير إلى وجود نشاط زلزالي غير طبيعي في البحر المتوسط. وأشار إلى أن النشاط الزلزالي الحالي يقع ضمن المعدلات الطبيعية، على الرغم من احتمالية زيادة قوة أو عدد الزلازل في المستقبل. وأوضح الدكتور شراقي أنه لا توجد حاليًا وسيلة علمية دقيقة للتنبؤ بقوة الزلزال ومكانه وتوقيته. تصريحات الدكتور شراقي تأتي لتهدئة المخاوف التي أثارتها بعض الفيديوهات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تدعي وجود نشاط غير طبيعي في قاع البحر. من المهم الاعتماد على مصادر المعلومات الرسمية والعلمية الموثوقة لتجنب نشر الذعر والمعلومات المضللة.

 

احتمالية حدوث تسونامي في البحر المتوسط

 

وفيما يتعلق باحتمالية حدوث تسونامي على سواحل البحر المتوسط، أوضح الدكتور شراقي أن التسونامي غالبًا ما يحدث نتيجة لزلازل قوية تتجاوز قوتها 6.5 درجة على مقياس ريختر، ويكون مركزها تحت قاع البحر وقريبًا من سطح الأرض. وأضاف أن حدوث تسونامي بفعل الإنسان يتطلب استخدام كميات هائلة من المتفجرات، وهو أمر غير مرجح. التجارب النووية التي تجرى تحت قاع البحر قد تتسبب في اضطرابات في المياه، ولكنها لا تصل إلى مستوى التسونامي المدمر. هذا التصريح يهدف إلى توضيح السيناريوهات المحتملة لحدوث تسونامي، مع التأكيد على أن الاحتمالات المرتبطة بالأنشطة البشرية محدودة للغاية.

 

انتفاخ القشرة الأرضية وارتفاع درجة حرارة البحر

 

من جانبه، كشف الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود بماليزيا، عن وجود تغييرات في اتجاهات وسرعات التيارات البحرية في البحر المتوسط، والتي يعزوها إلى انتفاخ القشرة الأرضية في قاع البحر نتيجة لصعود الماجما. وأشار إلى أن ارتفاع درجة حرارة البحر المتوسط قد يكون مرتبطًا بارتفاع الماجما واقترابها من القشرة الأرضية تحت غرف الصهارة للبراكين الإيطالية واليونانية. وأضاف الدكتور حافظ أنه في حالة ظهور الحيتان بكثرة على سطح البحر المتوسط واقترابها من الشواطئ، فقد يكون ذلك مؤشرًا على قرب انفجار بركاني. هذه التصريحات تقدم تفسيرًا محتملاً لبعض الظواهر غير الاعتيادية التي يتم رصدها في البحر المتوسط، مع التأكيد على ضرورة مراقبة هذه الظواهر وتقييم المخاطر المحتملة.

 

الماجما ودورها في الأحداث الجيولوجية

 

الماجما هي صخور منصهرة أو شبه منصهرة توجد في أعماق الأرض، وتتكون نتيجة ذوبان الصخور بفعل الحرارة والضغط. عندما تندفع الماجما إلى سطح الأرض، تسمى حممًا بركانية. الدكتور حافظ يرى أن الأحداث الجيولوجية الحالية في قاع البحر المتوسط قد تتحول إلى هدوء واستقرار لجميع البراكين بعد تصريف الصهارة إلى مناطق واسعة تحت القشرة الأرضية. هذا التفسير يربط بين النشاط البركاني والتغيرات الجيولوجية في قاع البحر، مع التأكيد على أن هذه الأحداث قد تؤدي في النهاية إلى استقرار الوضع. من المهم متابعة الدراسات والأبحاث العلمية التي تجرى في هذا المجال لفهم أفضل للديناميكيات الجيولوجية في البحر المتوسط وتقييم المخاطر المحتملة.