لم يعد الحديث عن التهميش أو غياب الخدمات في مركز دار السلام بمحافظة سوهاج يمثل واقعًا قائمًا كما كان في السابق. سنوات طويلة عانى فيها أهالي هذا المركز الواقع جنوب شرقي محافظة سوهاج من نقص في البنية الأساسية، وتدهور المرافق، وغياب المصانع وفرص العمل، وضعف الخدمات الصحية والتعليمية. لكن، مع إطلاق المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، تغيرت الصورة بشكل جذري، وأعادت المبادرة رسم خريطة الحياة داخل قرى المركز، وحولت دار السلام من منطقة منسية إلى نموذج متكامل للتنمية الشاملة. هذه المبادرة، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتطوير الريف المصري، لم تكن مجرد مشروع خدمي، بل رؤية استراتيجية شاملة امتدت إلى عمق المجتمع، فاستهدفت 19 قرية داخل مركز دار السلام، وشملت أعمالها كل مناحي الحياة: خدمات، صحة، تعليم، مرافق، وبيئة، فانعكس ذلك مباشرة على مستوى المعيشة وحياة المواطنين. "حياة كريمة" تمثل نقلة نوعية حقيقية لأهالي صعيد مصر، وتعكس التزام الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
مجمع الخدمات الحكومية ونقطة الإسعاف: تسهيل الوصول للخدمات الأساسية
أحد أبرز المشروعات التي أنجزت بالكامل كان مجمع الخدمات الحكومية بقرية العزبة، والذي يجمع في مكان واحد جميع الخدمات التي كانت تشكل عبئًا على الأهالي في السابق. يضم المركز التكنولوجي، السجل المدني، مكتب التموين، البريد، الشهر العقاري، ومقارًا للوحدة المحلية والتضامن الاجتماعي. هذا المجمع يمثل تيسيرًا كبيرًا على المواطنين، حيث يوفر عليهم الوقت والجهد في الحصول على الخدمات الحكومية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تم تسليم وتشغيل نقطة إسعاف أولاد يحيى الحاجر، بما يعزز قدرة الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ داخل القرى البعيدة. هذه النقطة الإسعافية تساهم بشكل كبير في إنقاذ الأرواح وتوفير الرعاية الطبية اللازمة في الوقت المناسب.
القطاع الصحي: وحدات صحية متطورة وتأمين صحي شامل
في القطاع الصحي، تجري أعمال إنشاء وحدة صحية نموذجية في قرية أولاد يحيى، وفقًا لمنظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة، وتشمل عيادات تخصصية، خدمات الأمومة والطفولة، معمل تحاليل، صيدلية، وحدات تطعيم، وسكن للأطباء والتمريض. هذه الوحدة الصحية المتطورة ستقدم خدمات طبية عالية الجودة لأهالي القرية والقرى المجاورة، وستساهم في تحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين. ويأتي هذا متوازيًا مع مشروع من أكبر المشروعات البيئية في المبادرة، وهو محطة معالجة الصرف الصحي بقرية نجوع مازن شرق، والتي تقام على مساحة 32 فدانًا لتخدم 15 قرية ويصل عدد المستفيدين منها إلى نحو 450 ألف نسمة، بطاقة حالية تبلغ 60 ألف متر مكعب يوميًا وقابلة للتوسعة حتى 90 ألف متر مكعب. هذه المحطة ستساهم في حماية البيئة وتحسين جودة المياه، وستحد من انتشار الأمراض الناتجة عن تلوث الصرف الصحي.
الطرق والكباري: فك العزلة المرورية وتسهيل حركة التنقل
أما الطرق والكباري، فكان لمركز دار السلام نصيب كبير من الاهتمام، حيث تم الانتهاء من كوبرى دار السلام الجديد أعلى الترعة الفاروقية، بطاقة تحميل تصل إلى 60 طنًا وبعرض 12 مترًا، ما ساهم في فك العزلة المرورية بين جانبي المدينة وسهل حركة الانتقال بين القرى الشرقية والغربية، وهو أحد أربعة كباري جرى الانتهاء منها داخل المركز ضمن خطة المبادرة. هذا الكوبري يمثل شريان حياة جديد للمدينة، حيث يربط بين أجزائها المختلفة ويسهل حركة التجارة والنقل. كما أن إنشاء أربعة كباري داخل المركز يعكس الاهتمام بتطوير البنية التحتية وتسهيل حركة التنقل للمواطنين.
مصنع تدوير القمامة والتعليم: بيئة نظيفة ومستقبل أفضل
وفي إنجاز بيئي غير مسبوق بالصعيد، تم إنشاء مصنع لتدوير القمامة والمخلفات الصلبة بقرية نجوع مازن، بتكلفة 90 مليون جنيه وعلى مساحة 10 أفدنة، ليكون المصنع الثالث من نوعه على مستوى الجمهورية. يتضمن المصنع خطوط فرز آلية متقدمة، ومعدات لتحويل المخلفات إلى وقود بديل وسماد عضوي، بالإضافة إلى مدفن صحي هندسي تم إنشاؤه بجوار المصنع على مساحة 6 أفدنة، وفق أحدث المعايير البيئية العالمية التي تضمن حماية التربة والمياه الجوفية من التلوث. هذا المصنع يمثل حلًا جذريًا لمشكلة تراكم القمامة والمخلفات، ويساهم في تحويلها إلى موارد اقتصادية مفيدة. كما أن الاهتمام بالتعليم لم يكن أقل أهمية، حيث تم إنشاء مبنى جديد لإدارة دار السلام التعليمية، بتكلفة 6 ملايين جنيه، على مساحة 348 متر مربع، مكون من دور أرضي وأربعة أدوار علوية تضم مختلف الإدارات والأقسام في إطار التحول الرقمي وتقديم خدمات تعليمية عصرية للمواطنين. هذا المبنى الجديد سيوفر بيئة تعليمية مناسبة للطلاب والمعلمين، وسيساهم في تحسين مستوى التعليم في المنطقة.