في السنوات الأخيرة، اجتاحت سلسلة محلات "بلبن" الأسواق العربية، وأصبحت خلال وقت قياسي واحدة من أشهر العلامات التجارية في عالم الحلويات والمشروبات. بدأ الأمر بمحل صغير يبيع الأرز باللبن والمهلبية، ثم تحولت العلامة إلى إمبراطورية تمتد فروعها من القاهرة إلى الرياض، مع إعلانات ضخمة ومؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن، هل ما نشهده هو قصة نجاح حقيقية... أم أن وراء هذه "الواجهة البراقة" أسرارًا لا يعرفها إلا القليل؟
صعود غير طبيعي: من شارع جانبي إلى صدارة السوق
ظهور "بلبن" لم يكن تقليديًا. فبينما تحتاج معظم العلامات التجارية إلى سنوات طويلة حتى تترسخ في ذهن المستهلك، قفز اسم "بلبن" إلى الواجهة خلال أشهر.
فروع جديدة تُفتتح بشكل شبه يومي، ديكورات موحّدة، ومحتوى تسويقي محترف يتصدر منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك.
هذا الصعود السريع دفع البعض للتساؤل:
من أين جاء كل هذا التمويل؟
في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالكثير من المشاريع الصغيرة، كيف استطاعت "بلبن" تحقيق هذا الانتشار؟ ولماذا تبدو في حالة نمو مستمر رغم التحديات الاقتصادية؟
غسيل أموال؟ فرضية تتكرر كثيرًا
تكررت الشكوك حول أن "بلبن" ليست مجرد سلسلة لمحلات الحلويات، بل قد تكون واجهة لأنشطة غير مشروعة، وعلى رأسها غسيل الأموال.
فما الذي يدفع علامة تجارية ناشئة إلى إنفاق ملايين الجنيهات على الإعلانات والفروع، دون وجود نموذج مالي واضح يدعم هذه التوسعات؟
يرى البعض أن ظهور العلامة تزامن مع ظاهرة "التريند" في الإعلانات – وهي محاولة لاستغلال كل ما هو شائع حتى وإن كان خارج السياق – وقد تكون هذه الاستراتيجية مقصودة لتغطية نشاطات أخرى أو لركوب موجة الشهرة بسرعة.
إعلانات مثيرة للجدل: لفت انتباه أم استفزاز مقصود؟
الإعلانات التي تنشرها محلات "بلبن" أثارت غضب كثير من المتابعين. فمن إعلان "كحك العيد" الذي وُصف بأنه يستهدف تشويه منافسين مثل "العبد"، إلى إعلانات تحتوي على رسائل ضمنية مستفزة أو مبهمة.
تساءل البعض: هل هذه الإعلانات تحمل نوايا خفية؟
هل يُراد بها إثارة الجدل عمدًا لبناء مزيد من الضجة الإعلامية، أم أنها مؤشر على استراتيجية تسويق تعتمد على "الاستفزاز بدلًا من الإقناع"؟
اتهامات بالتسمم.. هل فُضح المستور؟
الضربة القوية التي تلقّتها سلسلة "بلبن" جاءت من السعودية، بعد انتشار أخبار عن حالات تسمم غذائي نُسبت إلى منتجات السلسلة.
تم إغلاق كافة الفروع بشكل فوري في الرياض وعدة مناطق أخرى، في مشهد أربك جمهور السلسلة وأثار الذعر.
الأزمة لم تتوقف عند المملكة، فقد شهدت مصر أيضًا قرارات تشميع 12 فرعًا دفعة واحدة بمحافظة الجيزة، بسبب عدم توفر التراخيص الصحية المطلوبة.
ورغم محاولة إدارة "بلبن" التبرير بأن المسألة مجرد "إجراءات تنظيمية"، إلا أن الرأي العام كان قد بدأ يشك في مصداقية العلامة.
هل هناك ما يُخفى؟
عند النظر إلى مشهد "بلبن" ككل، نجد مزيجًا من عوامل مريبة:
-
توسع سريع جدًا.
-
إنفاق غير مبرر على الدعاية.
-
غياب الشفافية حول الإدارة الحقيقية.
-
شكاوى متكررة تتعلق بالجودة.
-
حملات إعلانية مثيرة للجدل.
-
بلاغات تسمم وإغلاق فروع متتالي.
كل هذه العناصر تدفعنا للسؤال: هل هناك من يموّل "بلبن" لأسباب غير تجارية؟
هل هي قصة صعود حقيقية... أم واجهة براقة لنشاطات مظلمة تدور خلف الكواليس؟
ما موقف الجهات الرقابية؟
المثير أن التحقيقات الرسمية في معظم البلدان لا تزال قيد المتابعة، ولم يصدر حتى الآن تقرير شفاف يوضح للرأي العام الحقيقة الكاملة.
الرقابة الصحية في مصر تحركت مؤخرًا، لكنها ركزت على جانب التراخيص فقط، بينما غابت الإجابة عن الأسئلة الكبرى: من يموّل "بلبن"؟ ما هو مصدر الأرباح؟ وهل تُستخدم المحلات لغرض آخر غير بيع الحلويات؟
الخلاصة: "بلبن" ظاهرة تستحق التدقيق
سواء كنت من محبي منتجات "بلبن" أو من المنتقدين، فلا يمكن إنكار أنها ظاهرة تجارية غير تقليدية.
النجاح السريع، الحملات المثيرة، والأزمات المتتالية تشير إلى أن القصة لم تُروَ بالكامل بعد.
ربما تكون "بلبن" مجرد علامة طموحة حاولت ركوب الموجة بسرعة، وربما تكون واجهة لما هو أخطر.
لكن الأكيد أن الجمهور يستحق الشفافية، والمستهلك له حق المعرفة.
لذا يبقى السؤال مفتوحًا حتى إشعار آخر:
هل “بلبن” مجرد محل أرز باللبن… أم شيء آخر تمامًا؟