في خطوة هامة نحو دعم الإبداع والاستثمار في رأس المال البشري، أعلن صندوق تطوير التعليم التابع لرئاسة مجلس الوزراء عن إطلاق مبادرة وطنية طموحة لاكتشاف وتمهين المواهب، وذلك ضمن مشروع «مراكز مهارات القرن الواحد والعشرين – Skill Up-21». تأتي هذه المبادرة في إطار رؤية شاملة تهدف إلى بناء جيل من المبدعين والمبتكرين القادرين على المساهمة الفعالة في بناء اقتصاد إبداعي مستدام. وتهدف المبادرة إلى اكتشاف المواهب في مختلف المجالات الفنية والإبداعية والرياضية، بمختلف الفئات العمرية، وتحويل هذه الطاقات الكامنة إلى مسارات مهنية مستدامة أو مشروعات ريادية، من خلال منظومة متكاملة تشمل التدريب، والتقييم، والدعم الفني والتقني والمالي. المبادرة الوطنية التي تم الإعلان عنها يوم الخميس الموافق 24 يوليو 2025 في تمام الساعة 10:43 بتوقيت القاهرة، تمثل نقلة نوعية في جهود الدولة المصرية لدعم المواهب الشابة وتوفير الفرص المناسبة لتنمية قدراتهم وإمكاناتهم. وتعتبر هذه المبادرة بمثابة استجابة حقيقية للتحديات التي تواجه الشباب في الحصول على فرص عمل مناسبة وتطوير مهاراتهم بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل المتغيرة.
أهداف المبادرة وآلية التنفيذ
ترتكز المبادرة على عدة محاور أساسية، أولها اكتشاف المواهب في مختلف المجالات، سواء كانت فنية أو إبداعية أو رياضية. ويتم ذلك من خلال استمارات إلكترونية وصفحات المبادرة الرسمية، حيث يمكن للمواهب من مختلف الفئات العمرية التسجيل والمشاركة. بعد ذلك، يتم إجراء تقييم احترافي للمشاركين من قبل نخبة من الخبراء والمتخصصين في المجالات المختلفة، لتحديد نقاط القوة والضعف لدى كل موهبة وتحديد احتياجاتها التدريبية. يتم تقديم برامج تدريبية مكثفة للمتميزين، تهدف إلى تطوير مهاراتهم وقدراتهم في المجالات التي تميزوا فيها. وتتضمن هذه البرامج التدريبية ورش عمل ومحاضرات وندوات، بالإضافة إلى التدريب العملي والتطبيقي، بهدف إكساب المشاركين الخبرة اللازمة لممارسة مهنهم المستقبلية بنجاح. وأخيرًا، يتم تقديم الدعم الفني والتقني والمالي للمواهب المتميزة، لمساعدتهم على تحويل أفكارهم إلى مشروعات حقيقية ومستدامة. ويشمل هذا الدعم توفير التمويل اللازم للمشروعات، وتقديم الاستشارات الفنية والإدارية، وتوفير المساحات والمعدات اللازمة للعمل.
دور أكاديمية الفنون والمؤسسات الشريكة
تلعب أكاديمية الفنون دورًا محوريًا في تنفيذ هذه المبادرة، حيث تُكرّس جميع إمكاناتها المادية والبشرية بالقاهرة والإسكندرية لتقديم الدعم الكامل للمواهب المشاركة. وتوفر الأكاديمية استوديوهات التدريب وقاعات العروض والمختبرات الفنية، بالإضافة إلى نخبة من أساتذة وخبراء الفنون في التمثيل والغناء والموسيقى والفنون التشكيلية وغيرها. وتعمل الأكاديمية بالشراكة مع قصور الثقافة والجامعات الإقليمية لاكتشاف ورعاية المواهب في مختلف المحافظات، وتقديم خدمات التقييم والتدريب في أماكن وجودهم. وتؤكد د. غادة جبارة، رئيس أكاديمية الفنون، أن المبادرة تُمثل تحولًا نوعيًا في دور الأكاديمية كمؤسسة وطنية تسهم في بناء الإنسان المصري عبر الفن والإبداع. بالإضافة إلى أكاديمية الفنون، تشارك العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة في دعم هذه المبادرة، بما في ذلك وزارات الثقافة والشباب والرياضة والتضامن الاجتماعي، بالإضافة إلى عدد من الشركات والمؤسسات المهتمة بدعم الإبداع والابتكار.
خريطة وطنية للمواهب ورؤية مصر 2030
تهدف المبادرة إلى بناء جسر حقيقي بين الموهبة وسوق العمل، عبر تصميم مسارات تدريب وتأهيل تستند إلى المعايير العالمية في تمهين الفنون والرياضات والمجالات الإبداعية. ويضمن ذلك تمكين الشباب ليس فقط من تنمية قدراتهم، بل تحويلها أيضًا إلى مصدر دخل مستدام أو مشروع ريادي ناجح. ويعمل فريق المشروع على إطلاق خريطة وطنية للمواهب، وربطها بجهات التوظيف والتمويل والرعاية، في إطار منظومة متكاملة تتسق مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030. وتسعى المبادرة إلى تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية، بما في ذلك زيادة عدد المواهب المكتشفة والمدربة، وتحسين جودة التدريب والتأهيل المقدم للمواهب، وزيادة فرص العمل المتاحة للمواهب في سوق العمل، وزيادة عدد المشروعات الريادية الناجحة التي يتم إنشاؤها من قبل المواهب. وتعتبر هذه المبادرة بمثابة استثمار طويل الأجل في مستقبل مصر، حيث تساهم في بناء جيل من المبدعين والمبتكرين القادرين على تحقيق التنمية المستدامة والرخاء الاقتصادي.
دعوة مفتوحة للمواهب الشابة
تُعد هذه المبادرة دعوة مفتوحة لكل شاب وموهوب في مصر أن يؤمن بنفسه، وأن يتحرك نحو مستقبل مهني تُبنى فيه الأحلام على أرضية من المهارة والمعرفة والتدريب الجاد. وتوفر المبادرة الفرصة للمواهب الشابة للتعبير عن قدراتهم وإمكاناتهم، وتلقي التدريب والتأهيل اللازمين لتحقيق النجاح في مجالاتهم المفضلة. وتدعو المبادرة جميع الشباب الموهوبين في مصر إلى التسجيل والمشاركة في هذه المبادرة الوطنية الطموحة، والاستفادة من الفرص المتاحة لتنمية مهاراتهم وتحقيق أحلامهم. كما تدعو المبادرة جميع المؤسسات الحكومية والخاصة إلى دعم هذه المبادرة والمساهمة في تحقيق أهدافها، من خلال توفير التمويل اللازم والخبرات الفنية والإدارية والمساحات والمعدات اللازمة للعمل. وتؤكد المبادرة أن الاستثمار في المواهب الشابة هو استثمار في مستقبل مصر، وأن دعم الإبداع والابتكار هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة والرخاء الاقتصادي.