في إطار السعي لتحسين تجربة الحج وتوفير أعلى درجات الأمان والراحة لضيوف الرحمن، يشهد موسم الحج تحولًا تقنيًا غير مسبوق تحت مظلة "الحج الذكي" باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تُسخَّر أحدث الابتكارات التكنولوجية مثل الكاميرات الحرارية والروبوتات الذكية لتنظيم حركة الحجاج ومراقبة الأوضاع الصحية والأمنية بشكل لحظي.
الكاميرات الحرارية: عين ذكية تراقب من دون تلامس
أصبحت الكاميرات الحرارية من الأدوات الحيوية خلال موسم الحج، حيث تُستخدم لرصد درجات حرارة الحجاج بطريقة غير تلامسية، ما يساهم في الكشف المبكر عن الأعراض الصحية المرتبطة بالفيروسات والأوبئة. وتقوم هذه الكاميرات بمسح آلاف الحجاج خلال ثوانٍ معدودة، ما يتيح للجهات المختصة التدخل السريع في حال اكتشاف حالات طارئة.
ويُعد هذا الإجراء جزءًا من منظومة أمنية وصحية متكاملة تهدف إلى الحفاظ على صحة الحجاج ومنع انتشار العدوى، خاصة في ظل التجمعات الكبرى التي يشهدها الحرم المكي والمشاعر المقدسة.
الروبوتات: مساعدين آليين في خدمة الحجاج
من أبرز التقنيات التي تم إدخالها مؤخرًا في منظومة الحج الذكي، هي الروبوتات متعددة المهام، التي تؤدي وظائف متنوعة تشمل تقديم الإرشادات، توزيع المياه، التعقيم، وحتى توصيل الفتاوى الدينية بلغات متعددة. هذه الروبوتات مزودة بأنظمة ذكاء اصطناعي تتيح لها التفاعل مع الحجاج والإجابة على استفساراتهم بدقة وفعالية.
كما تعمل روبوتات طبية على تقديم الإسعافات الأولية بشكل فوري، ونقل الحالات الحرجة إلى الفرق الطبية المختصة، مما يختصر الزمن ويعزز الاستجابة السريعة في المواقف الطارئة.
تنظيم حركة الحشود باستخدام الذكاء الاصطناعي
تعتمد السلطات السعودية أيضًا على أنظمة الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في تتبع حركة الحشود داخل المشاعر، وذلك من خلال الكاميرات الذكية والمجسات الموزعة في المواقع الحيوية. تساعد هذه الأنظمة في تجنب الاختناقات المرورية، وتوجيه الحجاج إلى الطرق الأقل ازدحامًا، مما يسهم في إدارة سلسة وآمنة للمسارات.
تجربة مستقبلية بدأت اليوم
يشكل "الحج الذكي" نموذجًا عالميًا في دمج التكنولوجيا بالخدمات الإنسانية والدينية، ويُظهر التزام المملكة العربية السعودية بتوظيف كل الإمكانات لتقديم أفضل رعاية لضيوف الرحمن. وبينما تتطور هذه التقنيات عامًا بعد عام، يبدو أن تجربة الحج تتجه نحو عصر جديد من السهولة والأمان.
إن التحول الرقمي في الحج لا يعكس فقط تطور البنية التحتية، بل يعبر أيضًا عن رؤية طموحة لمستقبل تتحقق فيه الراحة والطمأنينة لكل حاج، مدعومًا بتقنيات ذكية تعمل بلا كلل لخدمتهم.