في مشهد مهيب خيم عليه الحزن والتأثر، ودع العالم البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذي وافته المنية عن عمر يناهز 88 عامًا، بعد مسيرة حافلة امتدت لـ12 عامًا قاد خلالها الكنيسة الكاثوليكية بحكمة ورؤية إنسانية. وجاء إعلان الوفاة في بيان رسمي صادر عن الفاتيكان صباح الاثنين، حيث أوضح أن البابا عانى في سنواته الأخيرة من أمراض متعددة، أبرزها الالتهاب الرئوي الذي أدخله المستشفى لخمسة أسابيع في مستشفى جيميلي بروما.
وخلال آخر ظهور علني له في السادس من أبريل، بدا البابا متأثراً جسدياً، حيث جلس على كرسي متحرك خلال قداس خاص بمناسبة عام اليوبيل للكنيسة الكاثوليكية، لكنه أصرّ على الحضور والتواصل مع المؤمنين. كما قام في أحد الشعانين، عشية عيد الفصح، بإلقاء عظة مؤثرة وصف فيها العالم بأنه "مثقل بالحروب والانقسامات"، داعيًا إلى الأمل، ونبذ العنف، والعمل من أجل السلام عبر الرحمة والحوار.
وفي كلمته التي قرأها أحد مساعديه بمناسبة عيد الفصح، جدد البابا فرنسيس دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، واصفًا الوضع هناك بـ"المأساوي والمؤلم"، كما طالب بالإفراج عن جميع المحتجزين. وشملت رسالته أيضًا نداءً مماثلًا بشأن الصراع الدائر في أوكرانيا، مؤكدًا أن السلام لا يُفرض بالقوة، بل يُصنع بالحوار والتفاهم.
ورغم حالته الصحية المتدهورة، حرص البابا على استقبال نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس صباح الأحد في مقر إقامته بالفاتيكان، حيث تبادلا التهاني بمناسبة عيد الفصح، في لقاء وصف بأنه وداعي.
وفي لحظة مؤثرة عقب عظته، تنقّل البابا بسيارته البابوية بين الحشود بساحة القديس بطرس، ملوّحًا للمؤمنين، مباركًا الأطفال وكبار السن، وسط تصفيق حار ودموع لم تفارق وجوه الحاضرين، في جولة اعتبرها الكثيرون بمثابة الوداع الأخير لواحد من أبرز رموز السلام في العصر الحديث.
برحيله، يترك البابا فرنسيس إرثًا عميقًا في قلوب الملايين حول العالم، كرّس فيه حياته لنشر المحبة والتسامح، والدعوة إلى وحدة الإنسانية في وجه الانقسامات والآلام.
برحيل البابا فرنسيس، تطوي الكنيسة الكاثوليكية صفحة من صفحاتها المضيئة، حيث جسّد خلال سنوات بابويته رسالة السلام والمحبة في عالم تمزقه النزاعات. لقد كان صوتًا للضعفاء، وداعيًا للحوار بين الشعوب والأديان، وحاضرًا دومًا في القضايا الإنسانية العاجلة. ستبقى كلماته المؤثرة ووقفاته التاريخية مصدر إلهام للأجيال القادمة، وعلامة فارقة في مسيرة الفاتيكان نحو مستقبل أكثر تسامحًا وعدلاً.