في قرار قضائي هز اركان عملاق التقنية قضت محكمة امريكية اليوم الخميس بان شركة غوغل تمارس الاحتكار في قطاع تقنيات الاعلانات عبر الانترنت جاء هذا الحكم المدوي استجابة لدعوى رفعتها وزارة العدل الامريكية بالتعاون مع سبع عشرة ولاية امريكية ضد الشركة
الدعوى التي شكلت تحديا قانونيا كبيرا لغوغل اكدت ان الشركة تهيمن بشكل غير قانوني على التكنولوجيا الحيوية التي تحدد اين ومتى تظهر الاعلانات على شبكة الانترنت واصفة هذه الهيمنة بانها قوة احتكارية تضر بالمنافسة ويمثل هذا الحكم الانتصار الثاني للحكومة الفيدرالية الامريكية ضد غوغل في قضايا الاحتكار خلال اقل من عام واحد
يذكر انه في ديسمبر 2023 قضت هيئة محلفين فيدرالية ايضا بان متجر تطبيقات غوغل بلاي يمثل احتكارا غير قانوني ما يشير الى ضغوط تنظيمية متزايدة على ممارسات الشركة التجارية
تفاصيل صدمة الحكم القضائي ضد غوغل
اوضحت القاضية ليوني برينكيما من المحكمة الجزئية الامريكية في حيثيات حكمها ان غوغل انخرطت في سلسلة من الاعمال التي قوضت اسس المنافسة العادلة في سوق الاعلانات الرقمية الحساس
واشارت القاضية بشكل خاص الى ان غوغل قامت بربط خادم الاعلانات الخاص بها بمنصة تبادل الاعلانات الخاصة بالناشرين بطريقة تخدم مصالحها الاحتكارية واكدت برينكيما ان هذا السلوك المتعمد لم يضر فقط بعملاء غوغل بل امتد اثره السلبي ليشمل العملية التنافسية برمتها ومستهلكي المعلومات الذين يعتمدون على شبكة الانترنت المفتوحة
وعلى الرغم من خسارة غوغل في نقطتين رئيسيتين ضمن الدعوى المرفوعة ضدها الا انها تمكنت من كسب نقطة اخرى حيث رات المحكمة ان بعض الادوات الاعلانية التي تملكها الشركة وعمليات الاستحواذ التي قامت بها مثل صفقة دبل كليك الشهيرة لم تثبت انها تضر بالمنافسة بشكل مباشر ومنفصل
رد غوغل وخطط الاستئناف
لم تتاخر غوغل في الرد على الحكم الصادر حيث اعلنت على الفور نيتها استئناف القرار الاخير مؤكدة عدم موافقتها على استنتاجات المحكمة
وقالت ان مولولاند رئيسة الشؤون التنظيمية في الشركة ان اغلب الناشرين يختارون التعامل مع غوغل طواعية بسبب ما توفره من ادوات تقنية بسيطة وفعالة وباسعار معقولة وذلك في سوق يشهد تنافسا محتدما مع العديد من صدمة الشركات الاخرى
وخلال مرافعات الدفاع اكد محامو غوغل ان القضية ركزت بشكل غير متوازن على انشطة سابقة للشركة واغفلت التطورات الحديثة في السوق وتنامي قوة منافسين كبار اخرين في مجال تقنيات الاعلان مثل شركة امازون التي باتت لاعبا رئيسيا لا يمكن تجاهله
اصداء في قطاع النشر الرقمي
اثار الحكم ردود فعل قوية في اوساط صناعة المحتوى الرقمي حيث انتقد جيسون كينت رئيس جمعية ديجيتال كونتنت نيكست وهي منظمة تجارية تمثل مصالح العديد من الناشرين البارزين عبر الانترنت سياسات غوغل التي وصفها بالاحتكارية
وقال كينت ان غوغل استغلت قوتها السوقية الهائلة لاعطاء اولوية واضحة لمنتجاتها الاعلانية على حساب منتجات المنافسين وهذا بدوره ادى الى حرمان الناشرين الذين يقدمون محتوى متميزا حول العالم من ايرادات اعلانية ضرورية لدعم الصحافة عالية الجودة وتمويل انتاج المحتوى الترفيهي الراقي
تداعيات الحكم على مستقبل غوغل الاعلاني
تسيطر غوغل على حصة سوقية ضخمة في قطاع الاعلانات الرقمية تقدر قيمتها بنحو 31 مليار دولار وهو الجزء الذي يربط بين الشركات المعلنة ومالكي المواقع الالكترونية ويعرض تلك الاعلانات امام المستخدمين
هذا الحكم القضائي قد يفتح الباب امام اجراءات صارمة قد تجبر غوغل على التخلص من اجزاء من امبراطوريتها الاعلانية عبر الانترنت
ويرى انوبام تشاندر استاذ القانون والتكنولوجيا في جامعة جورج تاون ان التاثير المباشر على مستخدمي الانترنت العاديين قد لا يكون ملحوظا في المدى القصير فالانترنت لن يتغير شكله بين عشية وضحاها لكن التداعيات الحقيقية ستظهر في كيفية تقسيم الاموال بين اطراف المعادلة الاعلانية المعلنين والناشرين ومقدمي خدمات تكنولوجيا الاعلان
واشار تشاندر الى ان لغة الحكم توحي بان القاضية برينكيما منفتحة على فكرة فرض تغييرات هيكلية على ممارسات غوغل في مجال تبادل الاعلانات وهذا بلا شك قد يؤثر على صافي ارباح الشركة العملاقة وان كان لا يهدد بالضرورة نموذج عملها الاساسي كوسيط اعلاني مهيمن
ما هو القادم شبح التفكيك يلوح في الافق
تعتبر الحكومة الامريكية ان سلسلة دعاوى الاحتكار المرفوعة ضد غوغل سواء المتعلقة بالبحث او الاعلانات او متجر التطبيقات قد تمهد الطريق لمطالبات اكثر جذرية في المستقبل
ومن بين هذه المطالبات يبرز اقتراح تفكيك الشركة وفصلها عن الشركة الام الفابت وهو سيناريو قد يتضمن بيع اصول استراتيجية هامة مثل متصفح الويب الشهير غوغل كروم
وكانت غوغل قد ردت بقوة في عام 2023 على هذه التوجهات واصفة حجج وزارة العدل بانها معيبة وتفتقر الى الدقة محذرة من ان مثل هذه الاجراءات قد تؤدي الى نتائج عكسية تتمثل في ابطاء عجلة الابتكار لذكاء الاصناعي ورفع رسوم الاعلانات على الشركات الصغيرة والمتوسطة وعرقلة نمو الاف المشاريع التي تعتمد بشكل كبير على منظومة غوغل الاعلانية للوصول الى عملائها