تتصاعد التكهنات في الأوساط التقنية والاقتصادية حول التكلفة المحتملة هواتف آيفون الشهير إذا ما قررت شركة آبل نقله من خطوط إنتاجه الحالية في آسيا إلى داخل الولايات المتحدة الأمريكية يأتي هذا الجدل في أعقاب الحديث المتزايد عن فرض رسوم جمركية جديدة قد تغير خريطة التجارة العالمية وتؤثر بشكل مباشر على أسعار العديد من السلع للمستهلك الأمريكي بما في ذلك الإلكترونيات والملابس

توقعات صادمة لتكلفة الآيفون الأمريكي 

أحد أبرز المحللين في قطاع التكنولوجيا دان إيفز وهو رئيس قسم أبحاث التكنولوجيا العالمية بشركة ويدبوش سيكيوريتيز المالية أطلق تحذيرا قويا حيث توقع أن سعر هاتف آيفون قد يقفز بشكل هائل ليصل إلى نحو 3500 دولار أمريكي لو تم تصنيعه بالكامل في أمريكا هذا الرقم يمثل أكثر من ثلاثة أضعاف سعره الحالي الذي يدور حول الألف دولار ويعود السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع المتوقع إلى التكلفة الباهظة لمحاولة استنساخ أو تقليد شبكة الإنتاج والتوريد المعقدة والمتشعبة التي بنتها آبل وشركاؤها على مدار عقود طويلة في دول آسيوية مختلفة

هل يمكن حقا نقل مصانع آبل لأمريكا

يشكك إيفز في جدوى فكرة نقل تصنيع منتجات معقدة مثل آيفون إلى الولايات المتحدة واصفا إياها بأنها قد تكون أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع العملي ويشير إلى أن عملية نقل حتى نسبة صغيرة من سلسلة التوريد لن تكون سهلة أو سريعة أو رخيصة

  • التكلفة التقديرية: نقل 10% فقط من سلسلة التوريد قد يكلف آبل حوالي 30 مليار دولار

  • الوقت المطلوب: مثل هذه الخطوة قد تستغرق ما يقرب من 3 سنوات لتنفيذها

  • المواقع المحتملة: لو تم اتخاذ قرار النقل فقد تتركز الجهود في مناطق مثل غرب فرجينيا أو نيوجيرسي حيث توجد بعض منشآت التصنيع عالية التقنية المتخصصة في صناعة الرقائق الإلكترونية

لماذا تعتمد آبل على آسيا في التصنيع

قرار الشركات الأمريكية الكبرى مثل آبل بنقل عمليات التصنيع والتجميع إلى آسيا لم يكن وليد الصدفة بل هو استراتيجية اتبعتها هذه الشركات منذ عقود طويلة سمح لها هذا التحول بالتركيز بشكل أكبر على جوانب أخرى تحقق هوامش ربح أعلى بكثير مثل

  • تطوير البرمجيات وأنظمة التشغيل

  • تصميم المنتجات وابتكار الميزات الجديدة

  • التسويق وبناء العلامة التجارية

هذه الاستراتيجية كانت سببا رئيسيا في تحول آبل إلى واحدة من أضخم الشركات قيمة في العالم وترسيخ هيمنتها على سوق الهواتف الذكية

تأثير سياسات ترامب على آبل

رغم النجاح الباهر لنموذج آبل القائم على التصنيع الآسيوي إلا أن التهديدات بفرض رسوم جمركية واسعة النطاق خاصة تلك التي استهدفت الصين ألقت بظلال من القلق على مستقبل الشركة حيث تعتمد آبل بشكل كبير جدا على سلاسل التوريد في آسيا وخاصة الصين وتايوان وتشير التقديرات إلى أن حوالي 90% من هواتف آيفون يتم تجميعها بشكل نهائي في الصين هذه المخاوف انعكست سلبا على أداء سهم الشركة الذي شهد تراجعا ملحوظا في فترات سابقة وصلت إلى نحو 25% بعد تولي ترامب السلطة بسبب حالة عدم اليقين حول تأثير الرسوم الجمركية

تفاصيل سلسلة توريد آيفون المعقدة

يصف دان إيفز الرسوم الجمركية المحتملة بأنها قد تكون بمثابة كارثة اقتصادية على قطاع التكنولوجيا ككل وتعتبر آبل من بين الأكثر عرضة للتضرر بسبب طبيعة سلسلة توريدها العالمية

  • الرقائق الأساسية: يتم تصنيعها بشكل رئيسي في تايوان

  • شاشات العرض: تأتي غالبا من شركات كورية جنوبية

  • مكونات أخرى والتجميع النهائي: يتم في الصين بشكل أساسي

هذا الاعتماد المتشعب على دول مختلفة يجعل آيفون حساسا جدا لأي اضطرابات في التجارة الدولية أو فرض رسوم جمركية

محاولات آبل لتجنب الرسوم الجمركية

إدراكا منها للمخاطر المحتملة أعلنت شركة آبل في وقت سابق عن خطط لاستثمار مئات المليارات من الدولارات داخل الولايات المتحدة على مدى السنوات القادمة قدرت بنحو 500 مليار دولار خلال أربع سنوات تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الشركة لتوسيع عملياتها خارج الصين جزئيا وللتخفيف من وطأة أي رسوم جمركية مستقبلية قد تفرضها الإدارة الأمريكية

حتى بدون النقل الأسعار قد ترتفع

لا يقتصر خطر ارتفاع أسعار آيفون على سيناريو نقله إلى أمريكا فقط بل حتى لو بقيت سلاسل التوريد على حالها فإن فرض الرسوم الجمركية الجديدة قد يدفع آبل إلى تحميل المستهلكين جزءا كبيرا أو كل التكلفة الإضافية بنك روزنبلات للأوراق المالية وهو بنك استثماري يتخذ من نيويورك مقرا له توقع في تحليلات سابقة أن أسعار هواتف آيفون قد تشهد ارتفاعا بنسبة تصل إلى 43% إذا قررت آبل تمرير تكلفة الرسوم الجمركية المرتفعة بالكامل إلى المستهلك النهائي

خلاصة القول

يبدو أن فكرة تصنيع آيفون بالكامل في الولايات المتحدة تواجه عقبات هائلة تتعلق بالتكلفة والوقت والتعقيد اللوجستي الشديد لسلسلة التوريد الحالية وفي الوقت نفسه تشكل الرسوم الجمركية تهديدا حقيقيا قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار منتجات آبل حتى بدون تغيير مكان تصنيعها مما يضع الشركة والمستهلكين على حد سواء أمام مستقبل يحمل الكثير من التحديات وعدم اليقين