انتشرت مؤخرا أجهزة تتبع معدل ضربات القلب بشكل كبير جدا وأصبحت جزءا لا يتجزأ من روتين الكثيرين خاصة المهتمين بالصحة واللياقة البدنية فهي تقدم لهم رؤى قيمة حول شدة تمارينهم الرياضية وجودة نومهم وحتى مستويات التوتر التي يتعرضون لها خلال اليوم سواء كنت تستخدم ساعة ذكية متطورة أو تفضل حلقة ذكية بتصميمها البسيط فإن هذه الأجهزة تمنحك نافذة سهلة لمراقبة صحتك عبر الاستماع الدقيق لنبضات قلبك وتعمل ب الذكاء الاصطناعي,
أجهزة تتبع ضربات القلب فهم أعمق لآلية عملها
تعتمد غالبية أجهزة تتبع اللياقة البدنية الرائدة في السوق على تقنيات متقدمة مثل التعلم الآلي لتحليل بياناتك الصحية وتقديم توصيات مخصصة لتمارينك بناء على التغيرات في مؤشراتك الحيوية مع مرور الوقت لكن يبقى السؤال المحوري كيف تتمكن هذه الأجهزة الصغيرة التي نرتديها على معصمنا أو إصبعنا من قياس معدل ضربات قلبنا بدقة وهل يمكننا الاعتماد كليا على هذه القياسات في هذا التقرير نستعرض بالتفصيل الآلية التي تعمل بها هذه الأجهزة معتمدين على تقنية الفوتو بليثيسموغرافيا ونناقش مدى دقة قياساتها
ما هي تقنية الفوتو بليثيسموغرافيا أو PPG
تعتبر تقنية الفوتو بليثيسموغرافيا والتي تعرف اختصارا بـ PPG هي الحجر الأساس الذي تقوم عليه معظم أجهزة تتبع معدل ضربات القلب الحديثة سواء كانت ساعات ذكية أو أساور رياضية أو حلقات ذكية تعتمد فكرتها ببساطة على استخدام الضوء لقياس التغيرات الطفيفة في حجم الدم المتدفق عبر الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة تحت سطح الجلد مباشرة
فهم دورة القلب الانقباض والانبساط
لفهم كيف تستفيد تقنية PPG من تدفق الدم يجب أن نلقي نظرة سريعة على دورة عمل القلب فمع كل نبضة يمر القلب بمرحلتين أساسيتين
-
المرحلة الانقباضية هنا ينقبض القلب بقوة دافعا الدم إلى الشرايين مما يسبب زيادة مؤقتة في حجم الدم داخل الأوعية وزيادة الضغط على جدرانها
-
المرحلة الانبساطية في هذه المرحلة يرتخي القلب ويقل تدفق الدم نسبيا في الأوعية استعدادا للنبضة التالية
آلية عمل مستشعرات ضربات القلب الضوئية
تستخدم أجهزة التتبع القابلة للارتداء مستشعرات ضوئية متخصصة لرصد هذه التغيرات الدورية في حجم الدم تقوم هذه الأجهزة بإصدار ضوء بأطوال موجية محددة غالبا ما يكون الضوء الأخضر أو الأشعة تحت الحمراء باتجاه الجلد يمتص الدم جزءا من هذا الضوء الساقط عليه وتحديدا بروتين الهيموغلوبين الموجود بكثرة في خلايا الدم الحمراء هو المسؤول الرئيسي عن عملية الامتصاص هذه عندما يزداد حجم الدم في الأوعية خلال المرحلة الانقباضية يتم امتصاص كمية أكبر من الضوء وعندما يقل حجم الدم خلال المرحلة الانبساطية يتم امتصاص كمية أقل من الضوء تقوم المستشعرات الضوئية بالتقاط كمية الضوء التي لم يتم امتصاصها (الضوء المنعكس أو المار عبر النسيج) هذه التغيرات الدورية في كمية الضوء الملتقطة تترجم مباشرة إلى نمط نبضات القلب مما يسمح للجهاز بحساب معدل ضربات القلب في الدقيقة
متى تقدم أجهزة التتبع قراءات دقيقة
بشكل عام تعتبر قياسات أجهزة تتبع ضربات القلب أكثر دقة عندما يكون الجسم في حالة راحة أو خلال فترات النوم العميق يعود ذلك إلى أن غياب الحركة الكبيرة يقلل من احتمالية حدوث تشويش في الإشارات الضوئية التي تلتقطها المستشعرات أما أثناء ممارسة التمارين الرياضية خاصة تلك التي تتضمن حركات سريعة ومفاجئة أو اهتزازات قوية مثل الجري السريع أو رفع الأثقال أو ركوب الدراجات في الطرق الوعرة فقد تتأثر دقة القياسات سلبا بسبب ما يعرف بـ "تشويش الحركة" حيث تختلط إشارة تغير حجم الدم مع الإشارات الناتجة عن حركة الجهاز نفسه على الجلد مما قد يؤدي إلى قراءات غير دقيقة
عوامل تؤثر على دقة قياسات ضربات القلب
هناك مجموعة من العوامل التي يمكن أن تلعب دورا في مدى دقة القراءات التي تحصل عليها من جهاز تتبع ضربات القلب ومن أبرزها
-
طريقة ارتداء الجهاز يجب أن يكون الجهاز سواء كان ساعة أو حلقة مثبتا بشكل جيد ومريح على الجلد ولكن ليس ضيقا جدا بحيث يعيق تدفق الدم ولا فضفاضا جدا بحيث يتحرك كثيرا ويسمح بدخول الضوء الخارجي أو فقدان الاتصال الجيد بين المستشعر والجلد
-
درجة حرارة الجلد يمكن أن يؤدي انخفاض درجة حرارة الجسم أو برودة الأطراف إلى انقباض الأوعية الدموية السطحية مما يقلل من تدفق الدم فيها وبالتالي يجعل من الصعب على المستشعر الحصول على إشارة قوية وواضحة
-
لون البشرة والوشوم قد يواجه الأشخاص ذوو البشرة الداكنة جدا صعوبة أكبر في الحصول على قراءات دقيقة لأن صبغة الميلانين تمتص جزءا من الضوء الأخضر المستخدم في القياس بشكل مشابه يمكن للحبر المستخدم في الوشوم خاصة الداكنة أو الكثيفة أن يعيق وصول الضوء إلى الأوعية الدموية وامتصاصه بشكل صحيح مما يؤثر على دقة القياس
-
نوع النشاط البدني كما ذكرنا سابقا التمارين التي تتضمن حركات عنيفة أو اهتزازات أو انقباضات قوية للعضلات القريبة من مكان ارتداء الجهاز (مثل تمارين المعصم عند ارتداء ساعة) يمكن أن تسبب تشويشا كبيرا في الإشارة
هل تغني أجهزة التتبع عن الفحوصات الطبية
من المهم جدا التأكيد على أن أجهزة تتبع ضربات القلب التي تعتمد على تقنية PPG رغم فائدتها الكبيرة في المراقبة اليومية واللياقة البدنية لا يمكن اعتبارها بديلا عن الفحوصات والأجهزة الطبية المعتمدة مثل جهاز تخطيط القلب الكهربائي (ECG أو EKG) الذي يقيس النشاط الكهربائي للقلب بدقة عالية ويعتبر الأداة التشخيصية الأساسية لأمراض القلب أو حتى أجهزة قياس ضغط الدم الطبية التي تعطي قراءات دقيقة للضغط الانقباضي والانبساطي أجهزة التتبع مفيدة كأداة للمراقبة العامة وتتبع الاتجاهات ولكن لا يجب الاعتماد عليها لتشخيص الحالات الطبية أو اتخاذ قرارات علاجية مهمة