تعتبر تجربة الإجهاض للأسف من الحالات الصحية الشائعة التي تواجهها العديد من النساء وهي تحدث غالبا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل وتترك أثرا نفسيا وجسديا عميقا لهذا السبب تسعى الكثيرات لمعرفة العوامل التي قد ترفع من احتمالية حدوثه بهدف تجنبها قدر الإمكان والتخطيط لرحلة حمل صحية وآمنة تصل بهن إلى بر الأمان واستقبال مولودهن
إن فهم هذه العوامل لا يمنع بالضرورة حدوث الإجهاض في جميع الحالات فبعض الأسباب تكون خارجة عن السيطرة ولكن المعرفة تمنح القوة لاتخاذ قرارات واعية وتعديل بعض السلوكيات التي قد تلعب دورا سلبيا دعونا نستعرض بعض الجوانب الهامة التي أشارت الدراسات إلى ارتباطها بزيادة خطر فقدان الحمل
أولا: تأثير نمط الحياة الحديثة على الخصوبة والحمل
في خضم تسارع وتيرة الحياة اليوم وضغوطاتها قد تتغير عاداتنا اليومية بشكل يؤثر سلبا على صحتنا الإنجابية دون أن ندرك ذلك فقلة النشاط البدني والجلوس لساعات طويلة بالإضافة إلى الاعتماد المتزايد على الوجبات السريعة والمعالجة التي تفتقر للعناصر الغذائية الأساسية كلها عوامل تضعف الجسم وتؤثر على توازن الهرمونات
إلى جانب ذلك فإن بعض العادات غير الصحية مثل التدخين أو التعرض للتدخين السلبي وكذلك الإفراط في تناول المشروبات الكحولية يمكن أن تلحق ضررا مباشرا بالجهاز التناسلي الأنثوي على المدى الطويل مما لا يزيد فقط من خطر الإجهاض بل قد يؤدي أيضا إلى صعوبات في الحمل أو مشاكل العقم
ثانيا: عامل العمر وأهميته في رحلة الإنجاب
مع ازدياد التركيز على المسار المهني وتحقيق الذات أصبح قرار تأجيل الإنجاب خيارا شائعا للعديد من النساء ورغم أن هذا القرار شخصي تماما إلا أنه من الضروري إدراك تأثيره البيولوجي على فرص الحمل ونتائجه فمع التقدم في العمر تبدأ خصوبة المرأة بالانخفاض بشكل طبيعي كما تتراجع كمية ونوعية البويضات التي ينتجها المبيضان وهذا التغير الفسيولوجي يزيد للأسف من احتمالية حدوث الإجهاض بشكل ملحوظ مقارنة بالحمل في سن أصغر
ثالثا: التوتر وضغوط تأخير تكوين الأسرة
في بعض الأحيان قد يتأخر الأفراد في العثور على الشريك المناسب أو قد يقرر الزوجان تأجيل قرار الإنجاب لظروف مختلفة هذا التأخير قد يخلق فجوة زمنية تؤدي إلى ضغوط نفسية وتوتر لدى الشريكين خاصة مع الشعور بمرور الوقت وزيادة القلق حول القدرة على الإنجاب تشير بعض المعطيات إلى أن مستويات التوتر المرتفعة والمزمنة يمكن أن تؤثر سلبا على البيئة الهرمونية اللازمة لاستمرار الحمل الصحي وقد تساهم في زيادة خطر الإجهاض وانخفاض معدلات الخصوبة بشكل عام
رابعا: لا يمكن إغفال دور صحة الرجل الإنجابية
غالبا ما يتركز الحديث عن الإجهاض على صحة المرأة لكن صحة الرجل الإنجابية تلعب دورا حاسما لا يقل أهمية فجودة الحيوانات المنوية تتأثر بشكل كبير بعمر الرجل ونمط حياته وحالته الصحية العامة على سبيل المثال تزداد احتمالية أن ينتج الرجال في الأربعينيات من العمر أو أكبر حيوانات منوية تحمل حمضا نوويا تالفا وهذا التلف يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على تطور الجنين ويزيد من خطر حدوث الإجهاض حتى لو حدث الإخصاب بنجاح
خامسا: عواقب قرار تأجيل الإنجاب على المدى الطويل
إن قرار تأجيل الإنجاب سواء بوعي أو نتيجة للظروف لا يؤثر فقط على فرص حدوث الحمل بل قد يزيد أيضا من احتمالية مواجهة مضاعفات مستقبلية عند الحمل بما في ذلك خطر الإجهاض المتزايد ومن المهم إدراك أن التقنيات المساعدة على الإنجاب مثل التلقيح الصناعي أو تجميد البويضات ورغم كونها خيارات قيمة إلا أنها لا تضمن دائما تحقيق نتائج إيجابية ولا تلغي تأثير عامل العمر بشكل كامل لذلك ينصح الخبراء الأزواج بمراعاة عامل السن بجدية عند التخطيط لتكوين أسرة وعدم تأجيل القرار أكثر من اللازم دون فهم كامل للآثار المحتملة
في الختام معرفة هذه العوامل تساعد النساء والرجال على اتخاذ خطوات استباقية لتعزيز صحتهم الإنجابية وتحسين فرصهم في الحصول على حمل صحي ومستقر إن الاهتمام بنمط حياة صحي والتخطيط الواعي ومناقشة الأمور المتعلقة بالخصوبة مع الشريك ومع المختصين يمكن أن يساهم في رحلة نحو تحقيق حلم الأمومة بأمان أكبر.