مثل هذا الاكتشاف نقلة نوعية في فهمنا لعصور الفراعنة الأوائل، حيث يظهِر مقابر تعود إلى أوائل الدولة القديمة، ويتضمن تابوتًا معدنيًا نادرًا وعددًا من التماثيل الخشبية الصغيرة، ما يضع سقارة في صدارة المناطق الأثرية العالمية ويؤكد مكانة مصر كحاضنة لأقدم الحضارات.
أساليب الكشف والتنقيب
اعتمد فريق العمل على تقنيات المسح بالرادار الأرضي، والمسح الجوي بالطائرات دون طيار، لتحديد مواقع الدفن بدقة عالية، ثم بدأ الحفر اليدوي تحت إشراف وزارة السياحة والآثار، مع تسجيل كل قطعة بواسطة التصوير ثلاثي الأبعاد والتوثيق الرقمي قبل نقلها لورش الترميم الميدانية للحفاظ على ألوانها الأولى.
التعاون الدولي والبحث العلمي
شهد المشروع شراكة مع جامعات مرموقة مثل جامعة كامبريدج ومعهد ماكس بلانك الألماني، حيث تبادل الباحثون الخبرات في مجال التنظيف بالليزر ومعايرة الكربون المشع لتحديد أعمار القطع، ما ساهم في إصدار أبحاث مجلة الآثار البريطانية حول تطور الطقوس الجنائزية خلال ٤٠٠٠ سنة قبل الميلاد.
فوائد اقتصادية وسياحية
يزيد الاكتشاف من جاذبية سياحة المغامرات الأثرية، ويجذب آلاف الباحثين والسياح سنويًا، ما يرفع عائدات المتاحف القريبة بنسبة تخطت ٣٠٪ خلال ستة أشهر، كما يوفر أكثر من ألف فرصة عمل في الإرشاد والترميم والورش الحرفية، ويعزز مبيعات الهدايا التذكارية المصنوعة يدويا.
التحديات في صون التراث
يرتبط الحفاظ على هذه المقابر بضبط مستوى الرطوبة داخل الحُجُرات لتجنب تدهور الأصباغ الجدارية، كما يستدعي تقييد عدد الزيارات اليومية لمنع الاهتزازات الأرضية، مع تشديد الإجراءات الأمنية لمنع التعديات والسرقات عبر تركيب حساسات حركة وكاميرات ليلية ذات جودة عالية.
برامج الترميم والتدريب
أطلقت الوزارة برنامجًا تدريبيًا لشباب القرى المجاورة، يشمل ورش ترميم الحجر والخشب الحساس، وتدريبًا على المعايير الدولية للتوثيق، مع منح شهادات معترفًا بها عالميًا، ما أسهم في بناء كوادر وطنية مؤهلة تضمن استمرارية العمل الأثري المحلي.
التسويق الرقمي للموقع
تعتمد حملة الترويج على محتوى تفاعلي عبر الواقع المعزز والتطبيقات الذكية التي تتيح للزائر جولات افتراضية قبل الرحلة، كما تضمنت منصة إلكترونية بثًّا مباشرًا لأعمال التنقيب والورش الميدانية لتعزيز الشفافية وجذب جمهور الشباب من مهتمي التاريخ والتراث.
جهود المجتمع المحلي
شارك الأهالي في مبادرات “حماة التراث” التي نظمت ورشًا توعوية للطلاب حول أهمية الموقع ودوره في التاريخ، كما افتُتحت قرى مضياف أثرية تقدم ضيافة تقليدية ومحاضرات عن مهنة الأثرى الصغيرة، ما أوجد روح تعاون بين المجتمع والدولة وساهم في تنمية اقتصادية مستدامة.
آفاق المستقبل والتنمية المستدامة
تخطط وزارة الآثار لربط سقارة بمشروع “السياحة الثقافية الذكية” عبر شبكة مواصلات مكيفة، وإنشاء فندق تراثي بمواصفات بيئية صديقة، وتوسيع خطوط الجولات الليلية بمسرحيات ضوئية ورقصات شعبية، ما يعزز من تمازج الماضي بالحاضر ويرسخ سقارة كوجهة لا تُنسى.