أعلن البنك المركزي المصري اليوم عن منح أول تراخيص للبنوك الرقمية في مصر لثلاث مؤسسات مالية تكنولوجية متخصصة في تقديم خدمات مصرفية إلكترونية بالكامل، حيث تشمل التراخيص بنك المستقبل الرقمي المملوك بالكامل لرؤوس أموال محلية وبنك الابتكار الرقمي الشريك مع كبرى شركات التكنولوجيا العالمية وبنك الشركات الناشئة المخصص لدعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويأتي هذا الإجراء كخطوة تاريخية في مسار التحول المصرفي نحو الاقتصاد الرقمي، ويُتوقع أن يبدأ تشغيل هذه البنوك في الربع الثالث من عام ألفين وخمسة وعشرين مع إطلاق تطبيقات جوال متطورة وأنظمة دفع فوري متكاملة تدعم المشتريات المحلية والدولية دون الحاجة لفروع تقليدية أو بطاقات بلاستيكية، مما يسهم في تعزيز الشمول المالي وتمكين فئات واسعة من المجتمع من الوصول إلى الخدمات المصرفية بأقل تكلفة وأعلى كفاءة.

 

تتميز المؤسسات الثلاث بأنها تقدم باقات خدمات تشمل فتح الحساب الفوري والتحقق البيومتري عبر الكاميرا الأمامية للهواتف الذكية وتفعيل خدمات التمويل الاستهلاكي وقروض السيارات والقروض العقارية الصغيرة إضافة إلى خدمات الحوالات الإلكترونية وسداد الفواتير عبر البلوك تشين لضمان الشفافية والسرعة، كما تعتمد البنوك الرقمية على الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوكيات العملاء وتقديم توصيات مالية مخصصة تساعدهم في إدارة ميزانياتهم وتحقيق أهدافهم الاستثمارية، وتتيح المنصات إحصائيات فورية وتقارير شهرية ذكية توضح نسب الإنفاق والادخار والديون، مما يساعد الأفراد والشركات في التخطيط المالي الدقيق واتخاذ القرارات المناسبة.

 

تشارك في تشغيل هذه البنوك الرقميّة شركات تكنولوجيا مالية عالمية رائدة إضافة إلى جامعات مصرية وكليات هندسية تختص بالتطبيقات الرقمية والتشفير وأمن المعلومات، وقد أبرمت هذه الشراكات بموجب مذكرات تفاهم تَضمن نقل الخبرات التقنية وتدريب الكوادر الوطنية على إدارة عمليات التحول الرقمي وصيانة الشبكات المصرفية، كما وقّعت الجهات المشغلة عقودًا مع شركات تشغيل شبكات البيانات لضمان استمرارية الخدمة بنسبة توافر تتجاوز تسعة وتسعين في المئة، وقد خضعت البنية التحتية الرقمية لفحوصات أمنية متعددة بإشراف جهات رقابية دولية لضمان مقاومة الهجمات الإلكترونية والاختراقات لضمان أمان الأموال والبيانات الشخصية للعملاء.

 

يُتوقع أن تساهم البنوك الرقمية الجديدة في رفع نسبة الشمول المالي من ستون في المئة حاليًا إلى أكثر من ثمانين في المئة بحلول نهاية عام ألفين وخمسة وعشرين، حيث تستهدف فئات الشباب وأصحاب الدخل المحدود والمقيمين الأجانب وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، ويأتي ذلك في إطار استراتيجية الدولة لدعم ريادة الأعمال والابتكار وتسهيل وصول التمويل إلى المناطق النائية والريفية التي تعاني من ندرة الفروع البنكية التقليدية، كما تتيح هذه البنوك الرقمية للشركات الناشئة والحرفيين والمزارعين فتح حسابات تجارية وإدارة عمليات السحب والإيداع والإقراض بضغطة زر دون الحاجة للتنقل لمسافات طويلة أو التعامل مع إجراءات ورقية مطولة.

 

أشار محافظ البنك المركزي إلى أن إطلاق البنوك الرقمية يمثل نقلة نوعية في القطاع المالي المصري وسيساهم في تنمية الاقتصاد الوطني ودعم خطة الإصلاح المالي والرقمي للدولة، وقد أطلق البنك مبادرة وطنية لمواصلة إصدار تراخيص مماثلة لبنوك رقمية متخصصة في قطاعات محددة مثل التمويل الأخضر والطاقة المتجددة والزراعة الذكية، كما تعمل الهيئة المالية للرقابة المصرفية على إعداد أُطر تنظيمية إضافية تشمل معايير الحوكمة الرقمية وحماية المستهلك في الفضاء الإلكتروني وضوابط الصدمات الاقتصادية، مما يؤكد حرص الدولة على توفير بيئة مصرفية آمنة ومرنة قادرة على مواكبة التحديات المحلية والعالمية وتحقيق رؤية مصر الرقمية وحلمها بأن تصبح مركزًا ماليًا رقميًا إقليميًا.