في تطور سياسي لافت يُظهر عمق الانقسام داخل إسرائيل، هاجم يائير جولان، رئيس الحزب الديمقراطي الإسرائيلي والجنرال السابق في جيش الاحتلال، الحكومة الإسرائيلية بشدة، متهماً إياها بارتكاب جرائم ضد المدنيين في قطاع غزة، بل وذهب إلى حدّ القول إن "إسرائيل تقتل الأطفال كهواية"، على حد تعبيره في مقابلة مثيرة للجدل أجراها مع هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان".
جولان، المعروف بمواقفه اليسارية المعارضة للحكومة الحالية، حذر من أن إسرائيل تسير على طريق التحول إلى دولة منبوذة عالميًا، تمامًا كما كانت جنوب أفريقيا خلال حقبة الفصل العنصري، وقال: "الدولة العاقلة لا تشن حربًا على المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع أهدافًا لتهجير السكان"، مضيفًا أن الحكومة الحالية "تعج بالأشخاص المنتقمين الذين يفتقرون إلى الأخلاق والقدرة على إدارة البلاد في حالات الطوارئ".
لم يكتفي جولان بتوجيه اتهامات أخلاقية، بل طعن في كفاءة الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، واصفًا الوزراء بأنهم "فاسدون"، وداعيًا إلى إنهاء الحرب، إعادة الرهائن، وإعادة بناء إسرائيل من جديد على أسس عقلانية وأخلاقية.
رد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يتأخر، حيث خرج ببيان رسمي أدان فيه بشدة ما اعتبره "تصريحات مشينة" من جولان ضد "دولة إسرائيل وجنودها"، على حد تعبيره
وقال نتنياهو: "جنودنا يخوضون معركة من أجل وجودنا، وهذه التصريحات لا تُسيء فقط لهم، بل تضعف موقف إسرائيل في لحظة تاريخية حرجة".
وبالرغم من أن تصريحات نتنياهو تهدف إلى حشد الدعم الداخلي، إلا أنها تكشف حجم التوتر داخل المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، خاصة في ظل تراجع الدعم الدولي لسياسات الحكومة في غزة، وتحذيرات متزايدة من إمكانية مقاضاة مسؤولين إسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب.
في نفس السياق، شنّ نتنياهو هجومًا على قادة دول غربية مثل فرنسا وبريطانيا وكندا، متهمًا إياهم بـ"تقديم جائزة كبرى لهجوم 7 أكتوبر"، وذلك بسبب مطالبتهم إسرائيل بإنهاء الحرب فورًا.
تصريحات نتنياهو تكشف عزلة دبلوماسية متزايدة، حيث بدأت دول حليفة تاريخيًا لإسرائيل تبدي مواقف أكثر حذرًا تجاه استمرار العدوان على غزة.
تصريحات يائير جولان ليست مجرد رأي سياسي عابر، بل هي تعبير صارخ عن أزمة داخلية تضرب عمق النظام السياسي الإسرائيلي، فالرجل ليس ناشطًا مدنيًا، بل جنرال سابق ونائب وزير دفاع، وصوته يعكس تيارًا داخل المجتمع الإسرائيلي بدأ يرفض الخطاب الرسمي الذي يقوده نتنياهو.
تأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه الاحتجاجات داخل إسرائيل، ليس فقط ضد الحرب، بل ضد طريقة إدارتها، ومستقبل الرهائن المحتجزين لدى حماس، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت تتفاقم في الداخل.