في خطوة تعكس اهتمام القيادة السياسية المصرية بالأمن الغذائي والصحي للمواطنين، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة إنشاء مصنع وطني لإنتاج ألبان الأطفال الصناعية، وذلك في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار الألبان المعتمدة على الاستيراد، والضغط المتزايد على العملة الصعبة.

 

جاءت تصريحات الرئيس السيسي خلال فعاليات موسم حصاد القمح في مشروع "مستقبل مصر" للإنتاج الزراعي بمنطقة الضبعة، والتي رافقها جولة تفقدية بمدينة "مستقبل مصر الصناعية". وأثناء حديثه، أبدى الرئيس استغرابه من غياب مصنع محلي لإنتاج ألبان الأطفال حتى الآن، متسائلًا: "هل يُعقل أن نحتاج 45 مليون عبوة مستوردة من لبن الأطفال، ولا يوجد لدينا مصنع واحد لإنتاجها؟"

 

هذا الطرح جاء في سياق خطة الدولة لتعزيز الأمن الغذائي من خلال التوسع في المشروعات الزراعية والصناعية الكبرى، بما يسهم في تقليل فاتورة الاستيراد، وخلق فرص عمل جديدة، وتوطين الصناعات الاستراتيجية.

 

من جانبه، علق محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، على تصريحات الرئيس، مؤكدًا أن إنشاء مصنع محلي لألبان الأطفال سيكون له أثر كبير على تقليل فاتورة الاستيراد التي تستهلك العملة الصعبة، خاصة أن هذا المنتج يُعد من السلع الأساسية المرتبطة بصحة وسلامة الأطفال في مراحلهم الأولى.

 

وأضاف فؤاد أن مصر شهدت في السابق محاولة لإنشاء مصنع مماثل منذ نحو 20 عامًا، لكن المشروع واجه صعوبات كبيرة نتيجة نفوذ شركات الاستيراد الكبرى، والتي ترى في هذا المنتج سوقًا مضمونًا ومربحًا، مما حال دون إتمام المشروع في حينه.

 

وأشار فؤاد إلى أن أسعار ألبان الأطفال شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث قفز سعر العبوة من حوالي 300 جنيه إلى 700 جنيه حسب نوعها ودرجة جودتها، مما أثّر على قدرة العديد من الأسر المصرية في تأمين احتياجات أطفالهم من الغذاء البديل للرضاعة الطبيعية.

 

كما أشار إلى أن السياسات السابقة لوزارة الصحة كانت توفر عبوتين إلى ثلاث عبوات مجانًا أو بأسعار رمزية في المنافذ الحكومية، أما الآن فقد أصبح المتاح عبوة واحدة فقط كل 15 يومًا، وهو ما لا يكفي احتياجات الرضع، خاصة في ظل وجود أكثر من 1.4 مليون مولود سنويًا، يحتاج حوالي 30% منهم إلى ألبان صناعية كبديل أو مكمل للرضاعة الطبيعية.

 

تصريحات الرئيس السيسي تأتي في إطار رؤية الدولة الشاملة لتوطين الصناعات الاستراتيجية، خاصة الصناعات الدوائية والغذائية، والتي تشكل جزءًا أساسيًا من الأمن القومي المصري. وقد حققت مصر تقدمًا نسبيًا في ملف تصنيع الدواء، وتسعى الآن لتعزيز قدرتها على إنتاج المنتجات الغذائية الموجهة للأطفال، كالألبان الصناعية، والمكملات الغذائية، لضمان استقلالية القرار الصحي والغذائي.

 

في حال تنفيذ المشروع المقترح، فإن إنشاء مصنع لألبان الأطفال في مصر سيحمل فوائد متعددة، منها:

 

تقليل فاتورة الاستيراد التي تضغط على الاقتصاد الوطني.

خفض أسعار الألبان بما يناسب دخل الأسرة المصرية.

توفير منتج عالي الجودة يخضع للرقابة الوطنية.

فتح مجالات جديدة للاستثمار في الصناعات الغذائية والصحية.

دعم ملف الصحة العامة للأطفال وتوفير الأمن الغذائي لهم.