أثار الحديث المتزايد عن احتمالية انضمام النجم النيجيري فيكتور أوسيمين إلى صفوف الهلال السعودي، وما تردد عن قيامه بـ"عرض نفسه" على الهلال ومشروع نيوم؛ بحسب تصريحات الإعلامي عبد الرحمن أباعود ؛ موجة من الجدل والتأمل في خلفيات الصفقة المحتملة، ليس فقط من حيث القيمة الفنية للاعب، ولكن من زاوية ما تمثله هذه الخطوة من دلالة على دوافعه وأولوياته كلاعب محترف.
فيكتور أوسيمين والهلال.. بين الإغراء المالي والتحفظ المشروع: تجارب سابقة تُلقي بظلالها
ففي الوقت الذي لا يختلف فيه اثنان على أن أوسيمين يعد من أبرز المهاجمين في أوروبا خلال العامين الماضيين، فإن الطريقة التي يُدار بها ملف انتقاله، وحديث البعض عن رغبته الجامحة في "الضمان المالي" قبل أي اعتبارات رياضية، أعادت إلى الأذهان نماذج متعددة من صفقات كبرى اتجهت فيها الأندية إلى التعاقد مع نجوم كبار، إلا أن النتائج على الميدان لم تكن بمستوى التطلعات.
الهلال، باعتباره أحد أقطاب الكرة السعودية والآسيوية، أصبح في السنوات الأخيرة ضمن القوى الشرائية العالمية الجديدة في سوق الانتقالات، لا سيما بعد دخول صندوق الاستثمارات العامة كعنصر داعم للمشروع الرياضي الكبير في المملكة.
ورغم أن التعاقد مع نجم بحجم أوسيمين قد يرفع من القوة الهجومية للفريق على الورق، إلا أن التجارب العالمية توضح أن "الرغبة الحقيقية" والالتزام النفسي والمعنوي أهم بكثير من المهارة المجردة.
أوسيمين والرهان على المال؟ تجربة محتملة أم درس مكرر؟
لا شك أن طموح أوسيمين في تأمين مستقبله المالي أمر طبيعي ومشروع، خصوصًا في مرحلة ذروته الكروية ومع ذلك، فإن الإشارات التي تصدر في بعض الأحيان، مثل التسويق الذاتي الصريح لنادي بعينه، تُثير القلق من أن تكون دوافع اللاعب أقرب إلى "صفقة اقتصادية" منه إلى "مغامرة رياضية"، وهو ما قد يُنذر بتكرار سيناريوهات شاهدها العالم مرارًا في السنوات الماضية.
في هذا السياق، من المفيد استعراض عدد من النماذج البارزة لنجوم عالميين، انتقلوا في صفقات ضخمة، لكنهم لم ينجحوا في تقديم ما يتناسب مع حجم التوقعات أو الاستثمارات المالية:
كارلوس تيفيز شنغهاي شينهوا (الصين)
- انتقل النجم الأرجنتيني في 2017 بعقد ضخم جعله الأعلى أجرًا عالميًا في ذلك الحين ولكن سرعان ما تحوّلت التجربة إلى خيبة أمل كبرى، بعدما ظهر اللاعب بمستوى باهت، وبدت عليه علامات فقدان الحافز، ليعود سريعًا إلى بوكا جونيورز دون أن يترك أي بصمة تُذكر في آسيا.
2. أوسكار شنغهاي إس آي بي جي (الصين)
في سن الـ25، اختار أوسكار الخروج من أوروبا في أوج مسيرته للعب في الصين مقابل راتب ضخم رغم تألقه الفردي وتحقيقه ألقابًا محلية، إلا أن غيابه عن المشهد العالمي وتراجع مستواه الدولي جعله مثالًا على أن المال وحده لا يشتري النجاح الكروي الحقيقي.
3. أليكسيس سانشيز مانشستر يونايتد (إنجلترا)
انتقاله من آرسنال إلى مانشستر يونايتد براتب خيالي لم ينعكس على أدائه. بل أصبح رمزًا لـ"الصفقات الخاسرة"، حيث فشل في تقديم أي شيء يُذكر، وترك النادي بأداء ضعيف مقارنة بقيمته السوقية.
4. فيليبي كوتينيو برشلونة (إسبانيا)
أحد أكبر الاستثمارات في تاريخ برشلونة، إلا أن كوتينيو عانى من ضغوط المقابل المالي الضخم، وفشل في التأقلم أو تحقيق الإضافة المرجوة تجربته بسلسلة من الإعارات والخسائر المالية الضخمة للنادي الكتالوني.
5. نيمار – باريس سان جيرمان (فرنسا)
الصفقة الأغلى في تاريخ كرة القدم (222 مليون يورو) لم تحقق الهدف المنشود: دوري الأبطال رغم تألق نيمار في بعض الفترات، إلا أن الإصابات، والاهتمام بالحياة الشخصية، والانشغال بالظهور الإعلامي، قلل من جديته في المشروع الرياضي.
هذه النماذج، التي اتخذت الجانب المالي كمحرك رئيسي للانتقال، تُظهر أنه عندما تغيب الرغبة الكروية الحقيقية، يصبح التعاقد مجرد صفقة تجارية، قد تكلف الأندية مبالغ طائلة دون تحقيق الأهداف الرياضية.
وبالتالي، فإن أي نادي وعلى رأسهم الهلال ينبغي أن يُجري تقييمًا شاملاً ليس فقط لمهارات اللاعب، بل لأولوياته، وسجله الذهني والنفسي، ومدى التزامه تجاه المشروع الفني.
إذا قرر الهلال خوض تجربة التعاقد مع أوسيمين، فلابد أن تتم الصفقة وفق شروط رياضية صارمة، وتوقعات واقعية، وضمانات واضحة تضمن جدية اللاعب وشغفه بالمنافسة، وليس فقط الاستفادة المالية النجاح في كرة القدم الحديثة لا يُقاس فقط بعدد الأهداف أو الأرقام المالية، بل بما يُضيفه اللاعب للمجموعة من حماس وروح التحدي.