حذر الدكتور عصام حجي، عالم الفضاء المصري في وكالة ناسا، من تزايد شدة العواصف التي تضرب مدينة الإسكندرية، مشيرًا إلى تغير أوقات حدوثها نتيجة التغيرات المناخية المتسارعة التي تؤثر على المنطقة الساحلية.
وأكد أن هذه العواصف المتكررة تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار المباني، خصوصًا في ظل سوء البنية التحتية، مما قد يؤدي إلى انهيارات جديدة قد تهدد حياة السكان.
في تحذير صريح، قال حجي: "شدة العواصف وتغير أوقاتها ناتجة عن عدة تغيرات مناخية، وستؤدي لمزيد من انهيارات المباني. رغم تحذيراتنا المتكررة، ما زلنا نواجه تجاهلًا وعدم مبالاة من بعض الجهات نسأل الله الحفظ لأهلنا في الإسكندرية"، وأوضح أن الظاهرة ليست جديدة، بل ترتبط بظروف مناخية متغيرة على مستوى البحر المتوسط، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة التذبذب في الطقس وحدوث عواصف مفاجئة.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد عادل سويلم، الباحث في المعهد القومي لبحوث الفلك والجيوفيزياء، أن سوء البنية التحتية في الإسكندرية ساهم بشكل كبير في تفاقم آثار العواصف، معتبراً أن المسؤولين لم يبدأوا بعد خطوات إصلاحية حقيقية.
وشرح أن العاصفة التي ضربت المدينة مؤخرًا تشبه منخفضًا قطبيًا نادرًا يؤثر على السواحل الشمالية، وتأتي هذه الظواهر ضمن مظاهر التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، خاصة مع ذوبان الجليد حول الكوكب وارتفاع حرارة الأرض بشكل غير مسبوق.
ولفت سويلم إلى أن ارتفاع درجات الحرارة والاضطرابات في التيارات المحيطية تؤدي إلى حالة من الطقس المتطرف، ما يفسر هطول كميات كبيرة من الأمطار والعواصف العنيفة، مؤكدًا أن مثل هذه الأحداث أصبحت أكثر تواترًا في السنوات الأخيرة نتيجة لتغير المناخ.
وفي سياق متصل، كشف الدكتور عصام حجي من خلال بحث نشره، أن الإسكندرية تواجه تحديات ضخمة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر والتغيرات المائية التي تؤثر على البنية التحتية.
وأشار إلى أن المدينة شهدت انهيار أكثر من 280 مبنى على طول شواطئها خلال العقدين الماضيين، وهو ما يعكس خطورة الوضع وضرورة البحث العميق لمعرفة الأسباب الجذرية لهذه الانهيارات.
وأوضح حجي أن التآكل الساحلي الشديد، الناتج عن إدارة غير فعالة للمناظر الطبيعية والتوسع العمراني العشوائي على طول الواجهة البحرية، يفاقم من خطر انهيار المباني، خاصة مع ارتفاع مستوى المياه الجوفية وتسرب مياه البحر إلى الطبقات السفلية، ما يضعف استقرار الأرض وأساسات الأبنية.
وأشار إلى وجود منطقة ساحلية في الإسكندرية تضم أكثر من 7000 مبنى مهدد بالانهيار، مما يجعلها واحدة من أكثر المناطق عرضة للخطر في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وقال إن معدل تآكل الشواطئ يصل إلى 24-36 مترًا سنويًا في بعض المناطق، مما يزيد من تسرب المياه المالحة ويؤثر سلبًا على جودة التربة واستقرارها.
وأبرز أن أكبر عدد من الانهيارات حدث في مناطق مثل حي الغرب، ثم الجمرك والوسط، بالإضافة إلى المجتمعات السكنية الحديثة في منطقة العامرية التي شهدت انهيارات كثيرة، تعكس هشاشة البنية التحتية وعدم الاستعداد الكافي للتغيرات المناخية.
تتطلب هذه المؤشرات تحركًا عاجلاً من الجهات المختصة لإعادة تقييم البنية التحتية وتعزيز الحماية الساحلية، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير جذرية للحد من الأضرار وحماية السكان.
إذ بات من الواضح أن الإسكندرية تواجه تحديًا بيئيًا حقيقيًا يستوجب التعامل معه بحذر وعلمية.