تحول الإنجاز التاريخي الذي حققه نادي باريس سان جيرمان، بتتويجه بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، إلى مشهد دموي وفوضوي في العاصمة الفرنسية، بعدما شهدت الاحتفالات صدامات وأعمال عنف أفضت إلى مقتل شخصين وإصابة 192 آخرين، إلى جانب توقيف 559 شخصاً من قبل الشرطة.
الفريق الباريسي، الذي عاد مظفرًا من ميونيخ بعد انتصاره العريض على إنتر ميلان بخمسة أهداف نظيفة في النهائي، أشعل موجة من الاحتفالات العارمة في شوارع العاصمة، خاصة في شارع الشانزيليزيه، الذي غصّ بآلاف المشجعين فور إطلاق صافرة نهاية المباراة.
لكن أجواء الفرح سرعان ما تحولت إلى فوضى، بعد تسجيل عدة حوادث مميتة واشتباكات بين الجماهير وقوات الأمن.
أخطر تلك الحوادث تمثل في مقتل شاب يبلغ من العمر 17 عامًا، تلقى طعنة قاتلة في صدره بعد دقائق من انتهاء المباراة، في أحد أحياء العاصمة.
ولم تعلن السلطات حتى الآن عن تفاصيل الجريمة أو هوية الجاني، لكن التحقيقات جارية وسط حالة من الحزن والذهول كما قتلت امرأة شابة في العقد الثاني من العمر عندما صدمتها سيارة كانت تقل مجموعة من المشجعين المحتفلين بسرعة جنونية، في منطقة أخرى من المدينة.
وزارة الداخلية الفرنسية أعلنت عن حصيلة أولية ثقيلة لليلة الاحتفالات، شملت 192 مصابًا بينهم عشرات من رجال الشرطة، واعتقال 559 شخصًا بتهم متعددة شملت التخريب والاعتداء على الممتلكات العامة وحيازة أسلحة بيضاء.
الشرطة كانت قد اتخذت إجراءات استثنائية استعدادًا للحدث، ونشرت الآلاف من عناصرها في مناطق التجمعات الرئيسية تحسبًا لأي أعمال شغب، خصوصًا في ضوء تاريخ سابق من الانفلات الأمني عقب المباريات الكبرى، لكن حجم الحشود الغفيرة وسرعة تصاعد الأحداث فاقا التوقعات، وجعل السيطرة على الوضع أمرًا شبه مستحيل في بعض المناطق.
وتداولت وسائل الإعلام الفرنسية ومواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق لحظات العنف، من بينها اشتباكات مع رجال الأمن، وعمليات نهب لمحلات تجارية، إلى جانب مشاهد لسيارات محطمة وألعاب نارية أُطلقت بشكل عشوائي وسط الحشود.
ورغم هذه الأحداث، يواصل النادي الباريسي احتفالاته، إذ يُنتظر أن يشهد مساء الأحد تنظيم "موكب النصر" في شارع الشانزيليزيه، حيث سيظهر لاعبو الفريق على متن حافلة مكشوفة لتحية الجماهير. ومن المتوقع أن تشهد السلطات تعزيزات أمنية إضافية، تحسبًا لتكرار أعمال العنف.
يُذكر أن هذا التتويج يأتي بعد سنوات من المحاولات المتكررة لباريس سان جيرمان في دوري الأبطال، كان أبرزها الوصول إلى النهائي عام 2020، قبل أن ينجح أخيرًا في ترويض البطولة الأوروبية وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره.
لكن فرحة الانتصار شابها الحزن والفوضى، بعدما دفعت العاصمة الفرنسية ثمنًا باهظًا لهذه الليلة التي بدأت ببهجة وانتهت بمأساة.