كشف الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عن إطلاق حزمة من المبادرات والإجراءات التنفيذية الجديدة لتطوير العملية التعليمية في مصر، وذلك في مؤتمر صحفي رسمي عقدته الوزارة مؤخرًا وقد شملت هذه المبادرات أبعادًا متعددة، تتراوح بين تحسين البنية التغذوية للطلاب في المناطق الفقيرة، وتطوير المناهج الدراسية الأساسية، وتدريب المعلمين بما يتوافق مع المعايير الدولية الحديثة.

 

توفير كفتة ولحمة للطلاب.. وزير التربية والتعليم يعلن حزمة من المبادرات لتطوير التعليم

في خطوة غير مسبوقة، أعلن الوزير عن تعاون ثلاثي بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة والتضامن الاجتماعي، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني، لتوفير وجبات ساخنة للطلاب في بعض المناطق التي تعاني من الفقر الشديد وسوء التغذية.

 

وأوضح أن الوجبات ستشمل أطعمة غنية بالبروتين مثل الكفتة واللحوم، وذلك ضمن مبادرة وطنية تهدف لمكافحة ظاهرة التقزم بين الأطفال، والتي تمثل واحدة من أبرز التحديات الصحية المرتبطة بسوء التغذية في مصر هذه المبادرة تعكس وعيًا متناميًا بأهمية التكامل بين الصحة والتعليم في معالجة مشكلات التنمية البشرية من جذورها.

 

وفي سياق موازٍ، أكد وزير التعليم أن الوزارة مستمرة في تطوير المناهج الدراسية، مشيرًا إلى وجود خطة متكاملة لتحديث مناهج اللغة الإنجليزية بالتوازي مع تدريب المعلمين العاملين في هذا التخصص، بما يتماشى مع المهارات المطلوبة لسوق العمل العالمي، ومعايير الجودة في تدريس اللغات الأجنبية.

 

وأضاف أن منهج "اكتشف"، المعتمد في السنوات الأولى من التعليم الأساسي، لا يزال جزءًا من منظومة التعليم الجديدة، مع إمكانية تعديله أو تطويره في إطار المراجعة الدورية للمناهج.

 

أحد أبرز النقاط التي طرحها الوزير في المؤتمر كانت تتعلق بتطوير مناهج الرياضيات والمواد الأساسية الأخرى، حيث أعلن عن توقيع بروتوكول تعاون مع الجانب الياباني، يهدف إلى مواءمة منهج مادة الرياضيات في المدارس المصرية مع المنهج الياباني الشهير بجودته ودقته وتفاعله مع الطالب.

 

وأوضح أن هذا التعاون لن يفرض أي أعباء مالية على الوزارة، حيث سيتم التنفيذ عبر دعم فني ومؤسسي مقدم من الجانب الياباني في إطار الشراكة التعليمية بين البلدين.

 

في السياق ذاته، تم الإعلان عن خطوات جادة لإعادة النظر في المحتوى العلمي لمواد اللغة العربية، والتربية الدينية، والدراسات الاجتماعية، للمرحلتين الابتدائية والإعدادية، حتى الصف الثاني الإعدادي.

 

وأكد الوزير أن هذه التعديلات تتم بالتعاون مع شركات متخصصة في إعداد وتطوير المناهج التعليمية، بما يضمن تحديث المحتوى وتقديمه بأساليب تربوية حديثة، تراعي احتياجات المتعلم، وتتماشى مع المتغيرات الثقافية والاجتماعية اللافت في هذا التوجه أن عمليات التطوير لا تشكل عبئًا ماليًا على ميزانية الوزارة، إذ يتم تنفيذها بدعم خارجي أو من خلال شراكات مع جهات مانحة ومتخصصة.

 

تعكس هذه الإجراءات إدراك وزارة التربية والتعليم لأهمية معالجة المنظومة التعليمية من أكثر من زاوية في آن واحد، سواء ما يتعلق بالبنية التحتية للمدارس، أو جودة المناهج، أو تدريب الكوادر التعليمية، أو حتى ضمان حصول الطلاب على تغذية سليمة كحق من حقوق الطفل الأساسية.

 

وهو توجه يتماشى مع الرؤية الوطنية الشاملة لتطوير التعليم في مصر 2030، والتي تضع في أولوياتها الاستثمار في الإنسان المصري كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.

 

ويأتي التعاون مع اليابان في مجال التعليم ليؤكد على رغبة الدولة في الانفتاح على التجارب العالمية الناجحة وتطويعها لخدمة الواقع المحلي، خاصة وأن النموذج الياباني معروف عالميًا بفاعلية مناهجه وبناء شخصية المتعلم على أسس من الانضباط والعمل الجماعي والتفكير التحليلي.

 

كما أن تحديث مناهج اللغة العربية والتربية الدينية يعد خطوة مهمة لمواءمة المحتوى التعليمي مع المتغيرات الثقافية والاجتماعية والدينية في المجتمع المصري، من دون التفريط في الثوابت، ومن خلال أساليب تعليمية حديثة تحفّز التفكير والابتكار.

 

ورغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، تحرص الوزارة على تنفيذ هذه المشروعات التطويرية من دون تحميل الموازنة العامة أعباء إضافية، وهو ما يعكس إدارة مرنة ومسؤولة للموارد المتاحة، إلى جانب الاعتماد على الشراكات الدولية والمجتمعية التي تقدم خبرات ودعم فني ولوجستي في تنفيذ هذه الرؤى الطموحة.

 

في النهاية، تؤشر هذه التصريحات إلى تحرك فعلي نحو تجديد المنظومة التعليمية المصرية، مع الاعتراف بوجود تحديات كبيرة تحتاج إلى حلول مبتكرة وتعاون شامل من الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

 

وتعد مبادرات مثل توفير الوجبات الساخنة للأطفال في المناطق الفقيرة، وتطوير المناهج بمساعدة شركاء دوليين، نموذجًا لهذا التوجه التنموي الشامل الذي يربط التعليم بالصحة، والثقافة، والاقتصاد، والتكنولوجيا.