في تصعيد خطير يهدد الاستقرار الإقليمي، نفذت إسرائيل ضربة جوية استهدفت منشآت مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. العملية، التي تعتبر الأكثر جرأة منذ عقود، جرت دون انتظار قرار أممي أو مراعاة التحذيرات الصادرة من قوى عالمية كالصين وروسيا، وحتى أوروبا. تأتي هذه الضربة في ظل توترات متصاعدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي تعتبره إسرائيل تهديداً وجودياً لها. وقد أثارت العملية تساؤلات حول مستقبل العلاقات الإقليمية والدولية، واحتمالات التصعيد العسكري.

 

الضربة الإسرائيلية كانت دقيقة ومفاجئة، لكن الأخطر فيها هو رد الفعل الدولي المحدود. بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، فقد تم إبلاغ الولايات المتحدة مسبقاً بالعملية لتجنب أي إحراج سياسي أو نشوب صراع عالمي واسع النطاق. هذا التنسيق المزعوم يثير تساؤلات حول الدور الأمريكي في المنطقة، وحدود الدعم الذي تقدمه لإسرائيل. يبقى السؤال المطروح: هل تمثل هذه الضربة بداية مرحلة جديدة من الصراع الخفي بين إسرائيل وإيران، أم أنها مجرد تحذير لإيران وحلفائها؟

 

على مدى العقدين الماضيين، قامت إيران ببناء بنية تحتية نووية معقدة، تتوزع بين مواقع محصنة تحت الأرض وأخرى مموهة. إسرائيل تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديداً وجودياً، وتستند في ذلك إلى شكوك غير مثبتة لتبرير عملياتها العسكرية. معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن يرى أن إسرائيل تتبنى استراتيجية الردع دون حرب، وتستخدم الضربات المحدودة لكسر الروح المعنوية الإيرانية دون التورط في مواجهة شاملة. هذه الاستراتيجية قد تنجح على المدى القصير، لكنها تحمل في طياتها مخاطر تصعيد غير محسوبة.

 

الضربة الإسرائيلية استهدفت منشآت مرتبطة بتجميع أجهزة الطرد المركزي ومخازن تخصيب اليورانيوم ومراكز بحثية ثانوية، بحسب تقرير لوكالة رويترز نقلاً عن مسؤولين أمريكيين. الأهداف تم اختيارها بعناية لتجنب الغضب الصيني والروسي والغربي. وقد تعهدت إسرائيل للولايات المتحدة بعدم المساس بالمواقع المشمولة برقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. التسريبات الاستخباراتية تشير إلى أن الهجوم استخدم ذخائر خارقة للتحصينات وتقنيات تشويش لتعطيل الدفاعات، مما مكن الطائرات من ضرب أهدافها دون مقاومة فعالة.

 

هذه التفاصيل تشير إلى تخطيط دقيق وتنفيذ متقن للعملية.

 

 

رد الفعل الإيراني جاء محدوداً، واقتصر على إسقاط مسيرات، دون صواريخ أو تصعيد مباشر إيران تسعى لتجنب حرب شاملة مع إسرائيل، والتي قد تجرها إلى مواجهة بتوقيت أمريكي. هذا الرد المحدود يعزز مكانة إسرائيل كقوة إقليمية قادرة على ضرب أهدافها دون مساءلة ومع ذلك، تدرك تل أبيب أنها دخلت الآن مرحلة أكثر تعقيداً، حيث أن أي تصعيد من جنوب لبنان أو اليمن أو غزة قد يستخدم ككارت ضغط مضاد، مما يزيد من التوتر في المنطقة مستقبل المنطقة يبقى معلقاً على حافة الهاوية.