تنعقد جلسات محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، للنظر في الدعوى التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا في أواخر شهر ديسمبر، والتي تتهم الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب أعمال إبادة جماعية في قطاع غزة. هذه الدعوى تمثل منعطفاً هاماً في الجهود القانونية الدولية الرامية إلى محاسبة إسرائيل على أفعالها خلال الصراع الدائر، وتسلط الضوء على تصاعد القلق الدولي بشأن الوضع الإنساني الكارثي في غزة.

 

الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا تستند إلى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وتتهم إسرائيل بانتهاك التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية. وتتضمن الدعوى تفصيلاً واسعاً للأعمال التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في غزة، والتي تشمل القصف المكثف للمناطق المدنية، والحصار الخانق الذي يمنع وصول المساعدات الإنسانية الأساسية، والتسبب في نزوح جماعي للسكان. وتؤكد جنوب أفريقيا أن هذه الأعمال ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، حيث تهدف إلى تدمير جزء كبير من الشعب الفلسطيني في غزة.

 

بالتزامن مع انعقاد جلسات المحكمة في لاهاي، شهد محيط المحكمة وقفة تضامنية واسعة النطاق لدعم دعوى جنوب أفريقيا وتأييد الحق الفلسطيني. تجمع ناشطون من مختلف الجنسيات والأيديولوجيات، رافعين شعارات تطالب بوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة، وبتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين. وعبر المتظاهرون عن غضبهم واستنكارهم لما وصفوه بـ "الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل في غزة، والتي تجري على مرأى ومسمع من العالم أجمع. كما طالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني، والضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الإنساني.

تكتسب دعوى جنوب أفريقيا أهمية خاصة في ظل فشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وذلك بسبب استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرارات تدين إسرائيل. وبالتالي، فإن محكمة العدل الدولية تمثل فرصة حقيقية لمحاسبة إسرائيل على أفعالها، وإرسال رسالة قوية مفادها أن الجرائم الدولية لن تمر دون عقاب. وإذا ما قررت المحكمة أن هناك أدلة كافية تشير إلى ارتكاب إسرائيل لأعمال إبادة جماعية، فقد تصدر أوامر ملزمة لإسرائيل بوقف هذه الأعمال، وبتقديم تعويضات للضحايا.

 

بغض النظر عن النتيجة النهائية للدعوى، فإن مجرد نظر محكمة العدل الدولية في هذه القضية يمثل انتصاراً معنوياً كبيراً للشعب الفلسطيني، ويسلط الضوء على معاناته المستمرة تحت الاحتلال الإسرائيلي. كما أن هذه الدعوى تساهم في تعزيز الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، وتزيد من الضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي، واحترام حقوق الإنسان. وتأمل العديد من الجهات أن تكون هذه الدعوى بداية لتحقيق العدالة والإنصاف للشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.