انطلاق القمة في الدوحة.. انطلقت في الدوحة يوم الأحد الموافق 4 مايو 2025 فعاليات “القمة العربية للذكاء الاصطناعي” بحضور أكثر من 1200 مشارك من وزراء وممثلي حكومات عربية وخبراء عالميين في مجال التقنية، وقد افتتح حفل الافتتاح الشيخ محمد بن حمد آل ثاني رئيس المجلس الأعلى للتكنولوجيا برفع شعار “الذكاء الأخلاقي للتنمية المستدامة” وسط تميز تنظيمي كبير يعكس مكانة قطر الرائدة في مضمار التحول الرقمي.
أجندة القمة والمبادرات الجديدة
تركزت جلسات القمة على ستة محاور رئيسية تشمل الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد والتجارة، والتعليم المستقبلي، والرعاية الصحية الذكية، والمدن الذكية، والأمن السيبراني، وأخلاقيات التقنية، وقد أعلن خلالها صندوق قطر للتكنولوجيا إطلاق صندوق استثماري بقيمة مليار دولار لدعم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، كما تم توقيع مذكرات تفاهم بين جامعات عربية وأوروبية لإنشاء أول برامج دبلوم مشترك في الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة.
دور الحكومات والقطاع الخاص
تضمنت القمة جلسة حوارية شارك فيها وزراء الاتصالات والدفع الإلكتروني من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات، حيث شددوا على ضرورة وضع سياسات تنظيمية توازن بين تشجيع الاستثمار وضمان حماية الخصوصية وحقوق الأفراد، فيما أكدت شركات تقنية كبرى مثل “جوجل كلاود” و“مايكروسوفت” على أهمية الشراكة مع الحكومات لتوفير الحوسبة السحابية وتدريب الكوادر على أحدث أدوات التعلم الآلي، كما أعلن تحالف سعودي إماراتي عن تأسيس أكاديمية تدريب مخصصة لتأهيل المهندسين في اللغة الطبيعية ورؤية الحاسوب.
التحديات الأخلاقية والقانونية
ناقش الخبراء في جلسة بعنوان “أخلاقيات الذكاء الصناعي” المخاطر المحتملة للتطبيقات غير المنضبطة ومنها التحيز في الخوارزميات، وتوظيف الذكاء في المراقبة الجماعية، والإحلال الوظيفي لقطاعات ضخمة نتيجة الأتمتة، واقترحوا إنشاء هيئة استشارية عربية ترفع توصيات سنوية لصانعي القرار، كما اقترحوا إعداد مدونة سلوك موحدة تستند إلى المبادئ الدولية لحقوق الإنسان، مع التركيز على الشفافية في عمليات التصميم والتدريب لضمان القبول المجتمعي للتطبيقات الحديثة.
الرعاية الصحية والتعليم والذكاء الاصطناعي
شهد قطاع الصحة نقاشًا حول توظيف الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض المبكر عن طريق تحليل الصور الطبية والمعطيات الحيوية، حيث استعرضت وزارة الصحة المغربية تجربة مشروع “تشخيص العيون” الذي انطلق في الرباط، واستطاع الكشف المبكر عن أمراض الشبكية بنسبة دقة بلغت 92%، إضافة إلى عرض مشروع قطري لتعليم الأطفال عبر روبوتات تفاعلية قادرة على تخصيص المناهج بناءً على مستوى الفهم وسرعة التعلم، وهو المشروع الذي سيتم تعميمه على المدارس الحكومية بحلول نهاية 2026.
الأمن السيبراني وحماية البيانات
ركزت إحدى الجلسات على ضرورة تعزيز التعاون العربي في مواجهة الهجمات السيبرانية، إذ كشف تقرير مشترك للهيئة الوطنية للأمن السيبراني في الإمارات وجامعة حمد بن خليفة عن رصد أكثر من 4500 محاولة اختراق تستهدف مؤسسات حيوية خلال الربع الأول من عام 2025، مما دفع إلى الإعلان عن إنشاء منصة عربية موحدة للإنذار المبكر ومشاركة المعلومات الأمنية بين الدول المشاركة في القمة، بالإضافة إلى إطلاق أول شبكة تدريبية لتأهيل ضباط أمن المعلومات وفقًا لأحدث المعايير الدولية.
توصيات وآفاق مستقبلية
اختتمت القمة بالإعلان عن “إعلان الدوحة للذكاء الاصطناعي” الذي تضمّن عشرة بنود من بينها تعزيز البنى التحتية الرقمية، وتبني منهجية “الذكاء الأخلاقي”، وتنمية القدرات البشرية، وتأسيس مراكز أبحاث إقليمية، وتطوير قوانين لحماية البيانات الشخصية، وقد تسلم الرئيس التنفيذي لشبكة المدن الذكية العربية الوثيقة لرفعها إلى القمة العربية المقبلة، فيما أكد المشاركون على عقد لقاءات دورية لمتابعة تنفيذ التوصيات وتبادل الخبرات، مع تعدد الآمال في أن تشهد المنطقة قفزة نوعية في قطاعات الصناعة والزراعة والصحة والتعليم بفضل الخطوات التي تم الاتفاق عليها خلال هذه القمة.