في ظل التحديات المتصاعدة التي يفرضها التغير المناخي، باتت مسألة التكيف مع هذه الظاهرة البيئية العالمية أحد أبرز أولويات الحكومات والمنظمات الدولية، حيث لم يعد التكيف خيارًا إضافيًا، بل أصبح ضرورة مصيرية تفرضها تداعيات المناخ على الأمن الغذائي والمائي والصحي والاقتصادي، وقد أكدت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد أن تكلفة التأخر في مواجهة آثار التغير المناخي تفوق بكثير تكلفة الاستثمار في إجراءات التكيف، مشددة على أن الاستجابة الفعالة تتطلب تحركًا سريعًا وتعاونًا شاملاً على المستويين الوطني والدولي، بما يضمن الحفاظ على الموارد، وتحقيق التنمية المستدامة، وحماية الفئات الهشة في المجتمعات.

أهمية التكيف مع التغير المناخي

أشارت وزيرة البيئة إلى أن التكيف مع التغير المناخي لم يعد مسألة يمكن تأجيلها، بل هو ضرورة حتمية لحماية الأرواح وتحقيق الاستقرار المجتمعي، فالعالم يواجه تحديات بيئية غير مسبوقة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط الأمطار، والكوارث الطبيعية المتكررة، وكلها تؤثر على القطاعات الحيوية مثل الزراعة والمياه والصحة

تكلفة التأخير أكبر من تكلفة التكيف

الاستثمار في التكيف يساهم في تقليل الخسائر المترتبة على الكوارث البيئية، ويقلل من تكلفة الاستجابة لحالات الطوارئ، ويساعد في الحفاظ على البنية التحتية والخدمات الأساسية، في حين أن التأخر في تنفيذ خطط التكيف سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر، وتفاقم الأزمات الإنسانية، وتراجع مؤشرات التنمية

التحديات التي تواجه جهود التكيف

رغم وجود خطط وطنية للتكيف في العديد من الدول النامية، إلا أن التنفيذ ما زال محدودًا بسبب مجموعة من التحديات، أبرزها:

  • ضعف القدرة على الوصول إلى تمويل كافٍ ومرن

  • نقص القدرات المؤسسية والتقنية

  • صعوبة تحويل الخطط إلى مشروعات استثمارية قابلة للتنفيذ

  • الإجراءات المعقدة في الحصول على تمويل المناخ

الحاجة إلى دعم مخصص

تحتاج الدول النامية إلى دعم موجه يساعدها على صياغة وتنفيذ خطط قابلة للاستثمار، وتبسيط إجراءات تقديم طلبات التمويل، وضمان توافق الدعم مع السياقات المحلية، كما يلزم توفير بناء قدرات فعال على المستويات الوطنية ودون الوطنية

الفرص المتاحة لتعزيز التكيف

إن تعزيز التكامل بين التكيف وأهداف التنمية المستدامة سيساهم في تحقيق نتائج مزدوجة تخدم المناخ والاقتصاد في آنٍ واحد، ووفقًا لما أكدته وزيرة البيئة فإن القطاعات التالية تمثل فرصًا مهمة لتعزيز التكيف:

  • المياه والغذاء والزراعة

  • الصحة العامة والنظم البيئية

  • التوسع في استخدام التكنولوجيا الخضراء

  • دعم الفئات الضعيفة خاصة النساء والشباب والمجتمعات المحلية

صندوق الخسائر وآليات سانتياغو

يمثل إنشاء صندوق الاستجابة للخسائر والأضرار وتفعيل شبكة سانتياغو خطوة جوهرية لدعم الدول النامية، من خلال توفير مساعدات فنية مصممة خصيصًا، وتبادل الخبرات، وتعزيز مراكز المعرفة الإقليمية، بما يعزز القدرة على التكيف محليًا
أصبح من الضروري توجيه الجهود السياسية والاقتصادية نحو تبني سياسات فاعلة للتكيف مع التغير المناخي، بما يضمن الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ، وتجاوز العوائق التمويلية والتقنية، فالمناخ لا ينتظر، والتأخير في التحرك سيجعل كلفة التكيف أكبر، وفرص التغيير أقل، وعلى المجتمع الدولي أن يدعم الدول النامية لتحقيق هذا الهدف المصيري، بما يضمن مستقبلًا آمنًا وصامدًا أمام تقلبات المناخ.