بالرغم من الخطط الاستراتيجية التي أعلنتها عدة دول عربية لدعم الابتكار والتنمية، لا يزال التعافي الاقتصادي في المنطقة يواجه جملة من التحديات أبرزها ارتفاع مستويات الدَّين العام في بعض الدول مثل مصر وتونس، حيث تجاوز الدين العام 90% من الناتج المحلي الإجمالي هذه المعدلات المرتفعة تقيّد من قدرة الحكومات على الإنفاق التنموي وتزيد من هشاشة الأوضاع المالية أمام الصدمات الخارجية.

 

ويشير التقرير إلى أن بيئة أسعار الفائدة المرتفعة عالميًا تزيد من أعباء خدمة الدين، مما يفرض ضرورة اعتماد سياسات مالية أكثر انضباطًا، وتوسيع القاعدة الضريبية بشكل عادل، بالإضافة إلى محاربة التهرب الضريبي.

 

التوظيف والتفاوت الاجتماعي

أحد أبرز المخاطر طويلة الأمد هو استمرار معدلات البطالة المرتفعة، خاصة بين الشباب والنساء. فقد بلغ معدل بطالة الشباب في بعض الدول العربية مثل الأردن وفلسطين أكثر من 30% ويوصي صندوق النقد بضرورة الاستثمار في التعليم التقني والتدريب المهني، وربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل، إلى جانب دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة باعتبارها المحرك الأكبر للتوظيف.

 

كما سلّط التقرير الضوء على اتساع فجوة التفاوت الاجتماعي في العديد من دول المنطقة، مؤكدًا أن السياسات الاقتصادية يجب أن تكون شاملة وتراعي الفئات الهشة، وذلك من خلال توسيع شبكات الحماية الاجتماعية وتوجيه الدعم للفئات الأكثر تضررًا من تقلبات الأسعار.

التغير المناخي والأمن الغذائي

 

أشار الصندوق إلى أن التغير المناخي يشكل تهديدًا إضافيًا للنمو المستدام في المنطقة، خصوصًا في ظل ندرة المياه وتكرار الظواهر المناخية المتطرفة وشدد على أهمية الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحديث شبكات الري والزراعة، وتنمية الصناعات الغذائية كما دعا إلى تعزيز التكامل الزراعي العربي لتقليل الاعتماد على الواردات وتأمين الأمن الغذائي.

 

مبادرات إصلاحية واعدة

 

رغم التحديات، أشاد التقرير بعدة مبادرات إصلاحية أطلقتها دول عربية خلال العام 2025. من بينها برنامج "رؤية مصر الرقمية"، ومبادرة "تنمية 2030" في الجزائر، وخطط السعودية لتوطين التكنولوجيا وتنمية الصناعات غير النفطية ضمن رؤية 2030 كما نوه بدور صندوق الاستثمارات العامة السعودي واستثمارات جهاز قطر للاستثمار في دعم الابتكار وخلق فرص جديدة للنمو في قطاعات متنوعة مثل السياحة، والتقنيات المالية، والرعاية الصحية الرقمية.

 

نظرة مستقبلية متفائلة مشروطة

 

خلص التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتلك إمكانات هائلة لتحقيق نمو قوي وشامل في السنوات المقبلة، لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب سياسات متسقة، ومناخًا استثماريًا جاذبًا، ومرونة مؤسسية كما أكد أن استمرار التوترات الجيوسياسية قد يهدد الاستقرار الاقتصادي، وأن التعاون الإقليمي سيكون ضروريًا لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز التكامل الاقتصادي.

 

وأكد صندوق النقد أنه مستعد لدعم الدول العربية عبر التمويل الفني وبرامج الاستشارات، على أن تُقابل هذه المساعدات بإرادة سياسية حقيقية لتنفيذ الإصلاحات ومتابعة تنفيذ الخطط التنموية على أرض الواقع.