أعلنت الشركة السعودية للمياه والتحلية وشركة أكوا باور عن بدء التشغيل التجريبي لأكبر محطة تحلية مياه تعمل بالكامل بالطاقة الشمسية في منطقة الجبيل الصناعية وذلك ضمن مبادرة وطنية لتعزيز الأمن المائي وخفض الانبعاثات الكربونية وقد حضر حفل التدشين وزير البيئة والمياه والزراعة ورئيس هيئة تطوير الجبيل وينبع وعدد من كبار المسؤولين وممثلي الشركات الوطنية والعالمية وذلك في خطوة تمثل نقلة نوعية في دمج الطاقة المتجددة مع منظومات الخدمات الحيوية.
تعتمد المحطة الجديدة على حقل شمسي يمتد على مساحة 2.5 كيلومتر مربع مكون من أكثر من 150 ألف لوح شمسي عالي الكفاءة يزوّد وحدات التحلية بالطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل مضخات التناضح العكسي المتطورة مما يسمح بإنتاج 100 ألف متر مكعب من المياه النقية يوميًا دون الاعتماد على الوقود الأحفوري كما تشمل المحطة نظام تخزين طاقة يعتمد على بطاريات ليثيوم أيون لتغذية التشغيل في ساعات الليل والغيم لتوفير استمرارية الخدمة.
شارك في تصميم وبناء المحطة تحالف تقني بين شركة أكوا باور السعودية وشركة تاليس الفرنسية المتخصصة في تقنيات تحلية المياه وشركة هيتاشي اليابانية لتخزين الطاقة الشمسية وقد شملت الاتفاقيات نقل التقنية وتدريب 200 مهندس وفني سعودي على تشغيل وصيانة المعدات بالإضافة إلى توفير منح دراسية لطلبة الجامعات المحلية لدراسة تقنيات تحلية المياه والطاقة المتجددة بهدف تكوين جيل جديد من الخبراء القادرين على تطوير مشاريع مماثلة في المستقبل.
رُبطت المحطة بمنظومة المياه الوطنية عبر شبكة أنابيب بطول 65 كيلومترًا تمتد من ساحل الخليج إلى مدن الجبيل ورأس الخير حيث تم تجهيز المحطة بنظام تحكم ذكي يراقب ضغط الأنابيب وجودة المياه الفورية ويرسل إشعارات فورية لمراكز التحكم المركزي في الرياض في حال حدوث أي طارئ مما يعزز من موثوقية الإمداد المائي ويدعم جهود السلطات في مراقبة جودة المياه وضمان تخصيص الحصص بدقة عالية للمناطق السكنية والصناعية.
يُتوقع أن يسهم المشروع في خفض استهلاك الوقود الأحفوري بنحو 120 ألف برميل سنويًا بفضل الاستغناء عن مضخات تعمل بالغاز مقابل مضخات كهربائية نظيفة وميسّرة ما ينعكس في خفض الانبعاثات الكربونية بنحو 180 ألف طن سنويًا وهو ما يعزز من التزام المملكة باتفاقية باريس للمناخ ويقلل من ضغوط فاتورة استيراد الطاقة ويعزز مكانة السعودية كقائد إقليمي في التحول للطاقة الخضراء.
تضمن المشروع إنشاء مركز أبحاث وتطوير مرفق ضمن المحطة بالتعاون مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ومعهد بحوث الطاقة الشمسية في فرنسا حيث يجري العمل حاليًا على دراسة دمج تقنيات تحلية باستخدام الطاقة المركزة الشمسية وتقنيات تكسير الأملاح لاستخراج المعادن النادرة من المياه المالحة مما يفتح آفاقًا جديدة لاستثمار الموارد المائية بشكل مستدام وزيادة القيمة المضافة الصناعية.
أعرب عدد من الخبراء الدوليين المشاركين في حفل التدشين عن إشادتهم بالإنجاز السعودي معتبرين المحطة نموذجًا يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعاني ندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة كما أعلنت بعض الدول العربية عن نيتها زيارة المحطة ودراسة إمكانية استنساخ التجربة في بلدانها وذلك في إطار التعاون الإقليمي لتحقيق الأمن المائي وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة في تشغيل البنى التحتية الحيوية.
تخطط وزارة البيئة والمياه والزراعة لتوسعة المحطة في مراحل لاحقة بإضافة وحدات تحلية جديدة مدعومة بالطاقة الشمسية لرفع الإنتاج إلى 300 ألف متر مكعب يوميًا بحلول عام 2030 كما ستربط المرحلة الثانية بمحطات تحلية تعمل بالطاقة الريحية في منطقة تبوك غرباً مما يؤسس لشبكة متكاملة من محطات التحلية النظيفة تغطي معظم المناطق الساحلية وتعزز من مرونة الإمداد وتدعم رؤية المملكة لتعزيز الاستدامة والابتكار في قطاع المياه.