شهدت سواحل البحر الأحمر حدثاً استثنائياً اهتزت له مواقع التواصل الاجتماعي بين جمهور الخليج والوطن العربي بإطلاق المملكة العربية السعودية لمشروع “ذا بيوند” المدينة الذكية الأحدث ضمن خطتها الطموحة لتطوير منطقة نيوم وتجسيد رؤية 2030 على أرض الواقع، إذ احتشد الآلاف من الضيوف والمسؤولين في حفل رسمي بحضور كبار الشخصيات المحلية والدولية وخبراء التكنولوجيا والاستدامة، وتنوعت فعاليات الحفل بين عروض ضوء وليزر لتسليط الضوء على المخطط العمراني والابتكارات الهندسية المصممة لتقاوم التغير المناخي وتستهلك طاقة شمسية وُصفت بالأكبر في المنطقة، واستعرضت الجهات المنظمة أولى نماذج الوحدات السكنية الذكية التي تعتمد على أنظمة إدارة عن بعد للتهوية والإضاءة وتتحكم بها خوارزميات ذكاء اصطناعي متقدمة لتحقيق أقصى درجات الراحة والأمان قبل البدء في البناء الفعلي الواسع الذي سيشهد مراحل متسارعة طيلة السنوات المقبلة.
تصميم هندسي فريد وتقنيات استدامة متقدمة
يتميز مشروع “ذا بيوند” بمخطط مستقبلي ينقسم إلى أقسام متداخلة تضم مناطق سكنية رفيعة المستوى مدمجة مع مساحات خضراء مسقوفة بقباب زجاجية نفاثة تقلل فقد الحرارة وتزيد من كفاءة الطاقة، كما تشتمل الخطط التقنية على أنظمة لمعالجة مياه البحر وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب لري المسطحات الخضراء باستخدام تقنيات تناضح عكسي فائقة التطور لتقليل استهلاك الكهرباء، وسط تأكيدات بأن المدينة ستسخّر شبكات إنترنت فائق السرعة تعتمد على تقنية الجيل السادس اللاسلكي وإنترنت الأشياء لربط المرافق المنزلية والمباني التجارية عبر منصة ذكية مركزية تراقب جودة الهواء ودرجات الحرارة وتضبط استهلاك الطاقة بشكل تلقائي، بما يسهم في خلق نموذج حضري متكامل يربط بين الحداثة والبيئة مؤكداً قدرة السعودية على المنافسة مع أكبر مدن المستقبل عالمياً.
آفاق اقتصادية واستثمارية واعدة تدعم العمالة المحلية
توقع خبراء الاقتصاد ارتفاع حجم الاستثمارات المباشرة في منطقة نيوم إلى ما يزيد على مئة مليار دولار خلال العقد القادم بدعم من صندوق الثروة السيادي السعودي وشركاء استراتيجيين من الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، ومن المرتقب أن يخلق المشروع عشرات الآلاف من فرص العمل المتخصصة في مجالات الهندسة والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة لتلبية حاجات التشغيل والصيانة والتنمية الاقتصادية المحلية، كما يُنتظر أن تستقطب المدينة شركات تكنولوجيا العملاق وطلاب جامعات التميز البحثي لإقامة حاضنات أعمال ومراكز ابتكار متقدمة، مع فتح آفاق لسياحة الأعمال والمعارض العالمية مما يعزز موقع المملكة كبوابة رائدة للاقتصاد المستقبلي في الشرق الأوسط.
تعاون إقليمي ومعايير بيئية رفيعة المستوى
أعلنت الهيئة المشرفة على نيوم عن توقيع عدة مذكرات تفاهم مع دول خليجية وعربية صديقة لتبادل الخبرات التقنية وتنسيق معايير الاستدامة، ويأتي ذلك ضمن سعي جامعة الدول العربية واللجنة الاقتصادية لغرب آسيا لدعم المشاريع الكبرى في المنطقة وتحفيز نقل التكنولوجيا بين الأعضاء، وتُشير الدراسة التي أُجريت بالتعاون مع معاهد أوروبية متخصصة إلى إمكانية تصنيف “ذا بيوند” كأول مدينة صديقة للبيئة في المنطقة الحارة القاسية؛ وذلك بفضل استخدام مواد بناء معاد تدويرها وأنظمة تهوية طبيعية تقلّل من الاعتماد على التكييف الصناعي، وهو ما يشكل نموذجاً يحتذى في مدن عربية أخرى تطمح لتطوير بنيتها التحتية بما يتوافق مع تحديات الاحترار العالمي.
تفاعل جماهيري واسع وتوقعات بمراحل ثانية مثيرة
تصدر هاشتاج #ذا_بيوند قائمة الترند في السعودية ومصر والإمارات والكويت وعُمان، حيث تبارى المغردون في نشر صور الحفل والمخططات وأبدوا آراءهم حول إمكانيات المشروع وتأثيره على أسلوب حياتهم المستقبلي، وسط توقعات بإعلان الهيئة عن مراحل ثانية تشمل منطقة تجارية بحرية وحديقة ترفيهية على واجهة مياه ممتدة بطول عشرات الكيلومترات، كما رجّح محللون أن يعلن المشروع قريباً عن شراكات مع شركات طيران عالمية لإنشاء مطار مستقل يخدم المدينة ويوفر رحلات فوق صوتية لربطها بأكبر العواصم، وبات “ذا بيوند” عنوان الحلم المشرق الذي يراهن عليه العرب لتعزيز مكانتهم في خارطة المدن المستقبلية العالمية.