في تطور غير مسبوق في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصادر مطلعة أن بعض أعضاء إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن (وليس دونالد كما ورد خطأً)، هددوا بالتخلي عن دعم إسرائيل في حال لم تُنهِ الأخيرة حربها المستمرة على قطاع غزة، والتي دخلت شهرها التاسع عشر.

 

هذه هي المرة الأولى التي تلوح فيها واشنطن، حليفة إسرائيل الأبرز، بإجراءات عقابية صريحة، في ظل الضغوط المتزايدة داخليًا وخارجيًا بشأن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر.

 

بحسب المصادر، فقد حصلت الولايات المتحدة على ضمانات من إسرائيل لإدخال “بعض المواد الإغاثية” إلى قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح الرهينة الأمريكي الإسرائيلي عيدان.

 

وهي خطوة اعتبرت أول اختراق فعلي للجمود الإنساني، لكن مشروطة بإجراءات ذات طابع سياسي وأمني.

 

ورغم تنفيذ عملية التبادل، إلا أن المساعدات التي دخلت غزة وُصفت بأنها “الحد الأدنى”، ما يعكس استمرار التوتر في آلية توزيع وتسيير الإغاثة داخل القطاع.

 

في تصريح لافت، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن المجاعة الجماعية المحتملة في غزة تشكل "خطًا أحمر" قد يؤدي إلى فقدان إسرائيل لدعمها من الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن أقرب أصدقاء إسرائيل باتوا يشعرون بالحرج من صور الأطفال الجوعى والخيام المحترقة، حتى لو كانوا من أكثر الداعمين ثباتًا لها عبر العقود.

 

وقال نتنياهو إن إسرائيل تخطط للسيطرة الكاملة على قطاع غزة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن المساعدات الإنسانية يجب أن تبقى في حدودها الدنيا، في إطار ما وصفه بالحفاظ على “التوازن بين الحسم العسكري والحساسية السياسية”.

 

قرار نتنياهو بإدخال مساعدات، وإن كانت محدودة، أثار ردود فعل غاضبة داخل الحكومة الإسرائيلية. فقد وصف وزير الأمن القومي (إيتمار بن غفير وفق التقديرات) القرار بأنه “خطأ جسيم”.

 

بينما قال وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إن هذه المساعدات "لن تصل إلى حماس"، بل ستُسهم في إطعام المدنيين وتوفير غطاء دولي لإسرائيل أمام مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

 

ويبدو من تصريحات الوزراء أن الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن إدارة الحرب لا يزال قائمًا، وسط ضغوط داخلية متزايدة من اليمين المتطرف لرفض أي شكل من أشكال التنازل أو التهدئة.

 

على الصعيد الميداني، واصلت القوات الإسرائيلية عملياتها البرية المكثفة في جنوب قطاع غزة، وخصوصًا خان يونس، في إطار عملية عسكرية توصف بأنها "غير مسبوقة"، بحسب بيانات الجيش.

 

أمر الجيش، الاثنين، بإخلاء مدينة خان يونس قسرًا، ما أدى إلى موجة نزوح جديدة باتجاه منطقة المواصي الساحلية، وهي منطقة عشوائية مكتظة بالخيام وتفتقر لأدنى مقومات الحياة.

 

وبحسب شهود ومراسلين ميدانيين، تعرضت المدينة لأكثر من 40 غارة جوية خلال الليل، استهدفت خيام النازحين ومناطق سكنية، من بينها مجمع ناصر الطبي، الذي يُعد من أبرز المرافق الصحية في جنوب غزة.

 

ووفق وزارة الصحة في غزة، فإن حصيلة القتلى تجاوزت 53,300 شخص منذ بداية الحرب، أغلبهم من النساء والأطفال، وسط انهيار كامل للمنظومة الصحية والبنية التحتية، ونقص حاد في المياه والغذاء والدواء.

 

وتتواصل التحذيرات من أن القطاع مقبل على كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذا لم يتم التوصل إلى هدنة طويلة الأمد تسمح بدخول المساعدات بشكل منظم وآمن، وإعادة تشغيل المستشفيات والمنشآت الحيوية.