في لحظة استثنائية على السجادة الحمراء، شهدت الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي الدولي مساء اليوم، العرض العالمي الأول لفيلم "كان يا ما كان في غزة" ضمن قسم "نظرة ما" وقد غصّت القاعة بالجمهور والنقّاد، الذين منحوا الفيلم تصفيقًا حارًا بعد انتهاء عرضه، في مشهد يعكس مدى التأثير الإنساني والفني الذي أحدثه العمل.
حضر العرض نخبة من أبرز صناع السينما العرب، يتقدمهم المخرج أمير فخر الدين، والمنتج أحمد عامر، والمخرج مراد مصطفى، والمنتجة درة بوشوشة، إلى جانب النجم ظافر العابدين، والعديد من النقاد وشخصيات الصناعة السينمائية العالمية.
وكان في مقدمة الحضور طاقم الفيلم وبطلاه الرئيسيان، نادر عبد الحي ومجد عيد، إلى جانب الأخوين طرزان وعرب ناصر مخرجي الفيلم.
وقد بدا واضحًا أن الفيلم ترك أثرًا عميقًا على الحضور، إذ وقف عدد كبير من المتفرجين يصفقون تأثرًا بعد نهايته، وهو أمر نادر الحدوث حتى في أهم عروض المهرجان.
الناقد البحريني طارق البحار وصف الفيلم في تصريح لجريدة "البلاد" بأنه "رائع وغنائي"، مشيدًا بـ"البُعد الجمالي في الصورة واستخدام الإضاءة بتقنيات عالية الحساسية". وأضاف أن الفيلم يعكس قدرة الأخوين ناصر على المزج بين الرؤية الفنية والبعد الإنساني في معالجة واقع غزة.
عقب العرض، صعد الأخوان ناصر إلى المسرح وقد بدا عليهما التأثر، وألقيا خطابًا إنسانيًا مؤثرًا شكرَا فيه طاقم الفيلم، وأشارا إلى أن "ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد خلفية لفيلم، بل واقع حي نعيشه ويجب أن يتوقف". وأكدا أن السينما يمكن أن تكون صوتًا للناس الذين لا صوت لهم، وأن هذا الفيلم محاولة لسرد قصص الحياة اليومية تحت الحصار.
تدور أحداث الفيلم في غزة عام 2007، حيث يتتبع قصة يحيى، طالب شاب يحلم بالهروب من واقعه القاسي، لكنه يجد نفسه متورطًا في مغامرة مشبوهة حين يتعرف على أسامة، صاحب مطعم ذو كاريزما، ليبدآ معًا تجارة صغيرة لبيع المخدرات بالتوازي مع توصيل ساندويتشات الفلافل.
إلا أن العلاقة تتعقد حين يدخل في الصورة شرطي فاسد، يفرض عليهما إما الانخراط بشكل أعمق في عالم الجريمة، أو مواجهة عواقب تمردهما، الفيلم ينسج عبر هذه القصة صورة سينمائية مكثفة لواقع غزة المعقّد، حيث تتقاطع الأحلام الصغيرة مع صراعات البقاء اليومي.
الفيلم هو إنتاج مشترك بين فرنسا وألمانيا والبرتغال وفلسطين، وبدعم من قطر والأردن، ما يعكس الاهتمام الدولي المتزايد بإنتاج أعمال سينمائية من العالم العربي تتناول قضايا إنسانية وسياسية بزاوية معاصرة.
يضم طاقم الفيلم مجموعة من الأسماء المميزة، على رأسهم نادر عبد الحي، مجد عيد، رمزي مقدسي، إلى جانب طاقم تقني بارز، منهم كريستوف جرايلوت في إدارة التصوير، صوفي راين في المونتاج، والموسيقار الشهير أمين بوحافة في التلحين.
من المقرر إعادة عرض الفيلم مرة أخرى ضمن فعاليات المهرجان يومي الثلاثاء 20 مايو والأربعاء 21 مايو، في عدد من قاعات العرض الرسمية، مما يتيح فرصة أكبر للنقّاد والجمهور الدولي للاطلاع على هذا العمل الفني المهم.