في واحدة من أكثر القصص الكروية إنسانية وتاريخية في السنوات الأخيرة، كتب نادي الهلال السوداني سطرًا جديدًا في مسيرته العريقة بعدما توج بلقب الدوري الموريتاني لكرة القدم بشكل شرفي، بعد مشاركته الاستثنائية هذا الموسم في البطولة المحلية بدعوة خاصة من الاتحاد الموريتاني، في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها السودان، والتي حالت دون إقامة الدوري المحلي هناك.

 

الهلال السوداني يكتب فصلاً استثنائياً في موريتانيا ويتوج بلقب شرفي في زمن الأزمة

وجاءت المشاركة في البطولة الموريتانية بعد موافقة رسمية من الاتحادين الدولي والأفريقي لكرة القدم، في خطوة استثنائية وإنسانية تهدف إلى الحفاظ على نشاط الناديين الكبيرين، الهلال والمريخ، في ظل التحديات الأمنية والسياسية التي تعاني منها البلاد وتمثل هذه الخطوة دعمًا رمزيًا ومعنويًا لكرة القدم السودانية، ورسالة تضامن من الشارع الرياضي الموريتاني مع نظيره السوداني.

 

الهلال الذي اعتاد التتويج بالألقاب المحلية والإقليمية، حقق فوزًا مستحقًا على نادي الدرك بنتيجة 2-1 في المباراة التي أقيمت اليوم الأحد، بفضل هدفي أحمد سالم وإيمي تيدينق، ليؤكد تفوقه ويعتلي صدارة ترتيب الدوري الموريتاني في نهاية الموسم، محققًا اللقب الشرفي وسط احتفاء جماهيري واسع من أنصاره ومتابعيه.

 

ورغم أن نادي إف سي نواذيبو يبقى البطل الرسمي للدوري الموريتاني بعد فوزه في المباراة الحاسمة أمس السبت أمام إنتر نواكشوط بنتيجة 2-0، فإن ما حققه الهلال يعد إنجازًا تاريخيًا واستثنائيًا بكل المقاييس، ليس فقط بسبب الانتصارات داخل الملعب، بل لما تمثله هذه المشاركة من رمزية في الحفاظ على هوية الفريق وتماسكه وسط العاصفة.

 

لم يترك رئيس النادي هشام السوباط هذا الإنجاز يمر دون تعليق، حيث نشر رسالة مؤثرة عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، عبر فيها عن فخره الكبير بما قدمه الفريق، مقدمًا التهاني للطاقم الفني واللاعبين وكل مكونات النادي، مشيدًا بالعمل الجماعي الذي تُوج بهذا الإنجاز.

 

وأكد السوباط في كلمته أن ما تحقق هو نتيجة مجهود جبار وتعاون مخلص من كل من ينتمي للهلال، واعدًا بمواصلة العمل من أجل التميز في المنافسات القادمة مع السعي لتصحيح الأخطاء وتحسين الأداء.

 

رسالة السوباط لم تكن مجرد تهنئة، بل كانت إعلانًا بأن الهلال، رغم الغياب القسري عن موطنه، لا يزال ناديًا حيًا، قادرًا على المنافسة، وعلى تمثيل السودان في المحافل الإقليمية والدولية، حتى في أقسى الظروف. وتفاعل عدد كبير من جماهير الهلال مع هذا الإنجاز على منصات التواصل الاجتماعي، واعتبروه مصدر فخر وسعادة في وقت تتعطش فيه البلاد للأخبار الإيجابية.

 

الواقع أن ما فعله الهلال في الدوري الموريتاني ليس مجرد تتويج بلقب شرفي، بل تأكيد على قيمة الرياضة كجسر إنساني وثقافي يمكن أن يوحد الشعوب في أصعب اللحظات.

 

وفتحت هذه التجربة أبوابًا جديدة للتفكير في كيفية دعم الأندية والرياضيين من الدول المتضررة، ليس فقط بالمساعدات المالية، بل بإتاحة الفرص لهم للحفاظ على نشاطهم ووجودهم في الساحة الرياضية.

 

الهلال السوداني أثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد فريق ينافس على البطولات، بل هو مؤسسة رياضية رائدة تعبر عن روح السودان، وعن إرادة لا تنكسر أمام الصعاب.

 

وبينما يترقب الجميع تحسن الأوضاع في البلاد وعودة النشاط الرياضي لمكانه الطبيعي، يبقى إنجاز الهلال في موريتانيا علامة فارقة في تاريخ النادي، ومصدر إلهام لجماهيره ولكل من يؤمن بأن الكرة قادرة على منح الأمل في أحلك الأوقات.