أثار تصرف غريب من نوعه قام به ثلاثة موظفين في أحد المراكز الطبية بمحافظة ميسان العراقية موجة غضب واستياء واسع على منصات التواصل الاجتماعي، بعد انتشار صورة لهم وهم يتناولون طعامهم على سطح جهاز تصوير طبي متطور، مما دفع الجهات الرسمية إلى التدخل سريعاً وإنهاء خدماتهم.
طرد موظفين من مركز طبي بعد تناولهم الطعام فوق جهاز "CT-Scan" حديث
القصة بدأت عندما انتشرت على نطاق واسع صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لثلاثة موظفين، يجلسون حول وجبة طعام تتضمن مشروبات غازية، وقد وضعوها فوق جهاز تصوير طبي من نوع "CT-Scan".
الجهاز الذي يستخدم في تصوير الأعضاء الداخلية للجسم بكفاءة عالية، كان لا يزال في طور التنصيب في مركز الأشعة بقضاء الميمونة بمحافظة ميسان، قبل أن يبدأ تقديم خدماته فعلياً.
الصورة التي بدت عادية للبعض، اعتبرها كثيرون تعديًا صارخًا على بيئة العمل، واستهتارًا بمعدات طبية يفترض أن تعامل بحذر واهتمام بالغ، خاصة وأنها أجهزة باهظة الثمن وأساسية في تقديم خدمات تشخيصية حساسة.
استجابة رسمية سريعة
إزاء الضجة التي أثارتها الصورة، لم تتأخر دائرة صحة ميسان في الرد، إذ أصدرت بيانًا أكدت فيه اتخاذها "إجراءً رادعاً" بحق الموظفين الثلاثة، تمثّل بطردهم من العمل وأوضحت الدائرة أن ما قام به الموظفون يمثل مخالفة صريحة للأنظمة المهنية والسلوك الوظيفي داخل المؤسسات الصحية.
كما أعلنت الدائرة عن تشكيل لجنة تحقيقية لمتابعة حيثيات الحادثة، وتقديم تقرير مفصل عن ملابسات التصرف، بهدف ضمان عدم تكرار مثل هذه السلوكيات، وفرض قواعد انضباط صارمة في التعامل مع الممتلكات العامة، لا سيما الطبية منها.
تفاصيل عن الجهاز وأهميته
بحسب بيان الدائرة، فإن الجهاز المعني هو من منشأ ياباني، من إنتاج شركة "Fuji"، ويعد من أكثر الأجهزة تطورًا في مجال التصوير المقطعي وأكدت الدائرة أن الجهاز لم يشغل بعد، وأنه لا يزال تحت الإعداد قبل دخوله الخدمة الرسمية.
الجهاز الذي تم نصبه في مركز الأشعة بقضاء الميمونة، يمثل جزءاً من خطة تطوير القطاع الصحي في المحافظة، ويتوقع أن يساهم بشكل كبير في تحسين دقة التشخيصات الطبية وخفض الحاجة لتحويل المرضى إلى مراكز متقدمة في محافظات أخرى.
ردود فعل غاضبة من الشارع العراقي
تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع مع الصورة، حيث اعتبر كثير من المستخدمين أن ما جرى يُظهر غياب الوعي بأهمية الأجهزة الطبية الحديثة، ويعكس نقصًا في التأهيل والتدريب على التعامل معها.
وانتشرت مطالبات بمحاسبة المتورطين، وتطبيق معايير أكثر صرامة في اختيار وتدريب كوادر المرافق الصحية، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها القطاع الصحي العراقي، سواء من حيث ضعف التمويل أو نقص الكوادر المتخصصة.
كما أشار بعض الناشطين إلى أن الحادثة تمثل نموذجًا لمشكلات أوسع تتعلق بالإدارة والرقابة داخل المؤسسات العامة، داعين إلى مراجعة شاملة لآليات الإشراف والتدقيق داخل المرافق الطبية.
بين الخطأ الفردي والمسؤولية المؤسساتية
رغم أن دائرة صحة ميسان تعاملت مع الحادثة بسرعة واتخذت قرارات تأديبية حاسمة، فإن الحادث أعاد إلى الواجهة النقاش حول الفجوة القائمة في بعض المؤسسات بين توفر البنية التحتية المتطورة، وضعف الكوادر أو السلوك الوظيفي غير المهني.
وفيما رحب البعض بقرار طرد الموظفين باعتباره رسالة حازمة ضد الاستهتار بالمال العام، رأى آخرون أن المشكلة قد لا تكون في الأفراد فقط، بل في غياب منظومة تدريب وتأهيل متكاملة تزرع قيم المهنية والانضباط منذ البداية.
الحادثة التي بدت في ظاهرها بسيطة أو حتى ساخرة، أثارت في عمقها قلقاً حقيقياً بشأن التعامل مع أدوات تشخيصية حديثة ومكلفة، يفترض أن تكون في صميم الجهود الصحية لتحسين واقع الخدمات في العراق.
ويبدو أن سرعة استجابة الجهات الرسمية، وإن كانت محل ترحيب، يجب أن تترافق مع إجراءات وقائية أشمل، تبدأ من رفع مستوى الوعي لدى العاملين في المجال الصحي، وتمر بتعزيز الرقابة، ولا تنتهي إلا بتحقيق بيئة مهنية تحترم الأدوات، والمكان، والمريض.