في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، كشفت الأسواق عن ردود فعل حذرة تجاه الإعلان الأخير عن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين، والذي يقضي بتخفيض الرسوم الجمركية المتبادلة بنسبة كبيرة وقد كان لهذا الإعلان تأثير مباشر وغير مباشر على مختلف الأصول، ومن بينها العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي محمد حسن خلال مداخلته في برنامج "أرقام وأسواق" المذاع على قناة أزهري، أن البيتكوين شهدت انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.4% بعد إعلان الاتفاق، مشيرًا إلى أن هذا التراجع، رغم بساطته، يعكس رد فعل السوق تجاه السياسة النقدية الأمريكية المرتقبة وتوقعات المستثمرين بخصوص مستقبل الأصول عالية المخاطر.
وقال حسن إن التراجع الطفيف في البيتكوين لا يعكس بالضرورة ضعفًا في ثقة المستثمرين بالعملات المشفرة، بل هو جزء من تحرك طبيعي للأسواق في مواجهة الأخبار الاقتصادية الكبرى.
وأضاف: "البيتكوين لا يزال يحتفظ بجاذبيته كأداة استثمارية، خاصة مع طبيعته اللامركزية، التي تمنحه استقلالًا كبيرًا عن سياسات البنوك المركزية"
وأشار إلى أن البيتكوين والعملات المشفرة عمومًا لا تخضع للتعريفات الجمركية أو القيود التقليدية على غرار باقي السلع أو العملات، وهو ما يمنحها قوة إضافية في مواجهة الاضطرابات الاقتصادية العالمية، ويعزز مكانتها كملاذ محتمل في أوقات الأزمات.
وفي الوقت الذي بدأت فيه الأسواق العالمية تتنفس الصعداء بعد اتفاق بكين وواشنطن، ما زالت العملات الرقمية تعاني من بعض التقلبات الطبيعية، التي وصفها محمد حسن بأنها متوقعة في ظل بيئة استثمارية مليئة بالتغيرات.
وأكد أن: البيتكوين يظل مرتبطًا بشكل غير مباشر بمؤشرات الاقتصاد العالمي، خاصة الدولار الأمريكي وأسعار الفائدة.
الأحداث الكبرى مثل الاتفاقيات التجارية، أو قرارات البنوك المركزية، تلقي بظلالها على شهية المستثمرين للمخاطرة.
ومع كل هذا، فإن الأصول المشفرة أثبتت صمودًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حتى في مواجهة قرارات الحظر أو التنظيم من بعض الحكومات.
ردًا على هذا التساؤل المتكرر، أوضح محمد حسن أن: "لا يمكن التنبؤ بدقة بمسار العملات المشفرة، لأن السوق يتأثر بعدة عوامل متشابكة، أبرزها الوضع الجيوسياسي، ومستوى الإقبال المؤسسي، إضافة إلى التطورات التقنية التي تشهدها هذه الأصول"
وأضاف أن التقلبات التي نشهدها الآن هي تعديلات سعرية صحية تعكس حالة الحذر التي تسيطر على المستثمرين، ولا تعني بأي حال من الأحوال أن العملات المشفرة ستفقد قيمتها أو تنكمش عالميًا.
وفي سياق أوسع، شدد الخبير الاقتصادي على أن الاتفاق الأخير بين أكبر اقتصادين في العالم كان له تأثير إيجابي مباشر على الأسواق المالية التقليدية، وساهم في تقليص حالة عدم اليقين التي كانت تسيطر على المستثمرين منذ بداية أبريل، حيث تراجعت الأسواق وقتها بشكل ملحوظ خوفًا من التصعيد التجاري.
وأوضح أن الأسواق العالمية بدأت تتعافى تدريجيًا مع هذه التفاهمات، وهو ما انعكس أيضًا بشكل جزئي على سوق العملات المشفرة، حيث بدأ المستثمرون في إعادة ترتيب محافظهم الاستثمارية، مما ساهم في تخفيف حدة التذبذب مؤقتًا.
واختتم محمد حسن حديثه بالتأكيد على أن العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين، ستظل جزءًا لا يمكن تجاهله من المشهد الاستثماري العالمي، لكن التعامل معها يتطلب وعيًا وفهمًا لطبيعتها المتقلبة.
وقال:"اللامركزية في العملات المشفرة تمثل نقطة قوة، ولكنها في نفس الوقت تتطلب حذرًا شديدًا من المستثمرين، لأنها تجعل الأسواق عرضة لتغيرات مفاجئة وغير متوقعة."
رغم التراجع الطفيف في أسعار البيتكوين بعد الإعلان عن الاتفاق الصيني الأمريكي، تبقى العملات المشفرة تحت المجهر كأحد الأصول الواعدة في المستقبل، لكن بأسلوب استثماري يقوم على التوازن والحذر.
وفي ظل عالم اقتصادي يشهد تحولات سريعة، فإن دور العملات المشفرة كأداة استثمارية سيظل قائمًا، ولكن مع ضرورة متابعة التطورات السياسية والاقتصادية بعناية شديدة.