تحتفل محافظة دمياط اليوم الخميس 8 مايو 2025 بعيدها القومي المصادف لذكرى انتصار أبناء المحافظة على جيوش الحملة الصليبية عام 1250 في معركة الساحل الشمالي التي أظهرت صلابة الأهالي وإرادتهم الصلبة في الدفاع عن أرضهم ووطنهم، وقد شهدت الساحة الرئيسية أمام مبنى ديوان عام المحافظة افتتاحاً حاشداً أدارته اللجنة المنظمة بحضور اللواء إبراهيم عثمان محافظ دمياط وعدد من أعضاء البرلمان والمحافظات المجاورة مما أضفى على المناسبة بعداً رسمياً واجتماعياً كبيراً يعكس أهمية هذه الذكرى في ذاكرة المصريين.

 

عيد دمياط القومي يحيي ذكرى انتصار الأجداد على الغزاة ويعزز الهوية الوطنية

 افتتح الحفل محافظ دمياط بكلمة استعرض فيها المحطات الحاسمة للمعركة التي خاضها الأجداد ضد قوات الصليبيين المدججين بالسلاح، وأشار إلى أن هذا الانتصار لم يكن مجرد حدث عسكري بل كان رسالة صمود ووحدة وطنية قوية أحدثت تحولاً في مسار الحملة الصليبية، كما شدد على ضرورة نقل هذه القيم إلى الأجيال الجديدة ليحافظ المصريون على هويتهم وتراثهم عبر التاريخ.

 

تضمنت الاحتفالات عرضاً مسرحياً مصغراً جسد ملامح الحياة في دمياط في القرن الثالث عشر، حيث ارتدى المشاركون أزياء عصرية واستخدموا أسلحة وهمية وخرائط قديمة لتوضيح استراتيجية الدفاع عن المدينة، وقد تفاعل الحضور مع المشهد التاريخي وسط تصفيق حار من الأهالي، كما أبدى الأطفال إعجابهم بالعرض الذي جمع بين الترفيه والتعليم، مما جعل الإحياء حيّاً وشاهداً على قوة الثقافة الشعبية في تعميق الانتماء للوطن.

 

إلى جانب الفعاليات المسرحية أقامت المحافظة معرضاً للصور والوثائق النادرة التي تخص المعركة، حيث ضم المعرض نسخاً مصغرة من مخطوطات أثرية وخرائط جغرافية قديمة، بالإضافة إلى مقتنيات تراثية من دمياط مثل أدوات الصيد والحياكة التي استخدمها الأهالي في الحياة اليومية آنذاك، وقد لاقت هذه المعروضات إقبالاً من الباحثين والطلاب الذين حرصوا على الاطلاع على التفاصيل الدقيقة لتاريخ مدينتهم، وما أتاحه المعرض من فرصة لربط الحاضر بالماضي عبر أدوات وعناصر ملموسة.

 

كما شاركت الجامعات والمعاهد التعليمية في التحضيرات للاحتفالية، حيث نظمت كلية الآداب بجامعة دمياط ندوة علمية تحت عنوان “الذاكرة الجماعية والمعارك التاريخية” تناقش فيها أهمية توثيق هذا النوع من الأحداث في المناهج الدراسية، وحضر الندوة عدد من الأساتذة المتخصصين في التاريخ والآثار، الذين أكدوا على ضرورة الاستثمار في السياحة الثقافية كوسيلة للحفاظ على المواقع التاريخية وجذب الزوار، إضافة إلى تشجيع الاهتمام بالأبحاث والدراسات حول تاريخ دمياط العظيم.

 

في إطار البرامج المصاحبة للعيد القومي كرمت المحافظة عدداً من الأسر التي تناقلت تاريخ المعركة عبر الأجيال، حيث قدمت لممثلي هذه الأسر شهادات تقدير وجوائز رمزية، تأكيداً على دور المجتمع المحلي في الحفاظ على الذاكرة الشعبية، كما تم إطلاق مشروع رقمنة الشهادات والروايات الشفوية من كبار السن بهدف إنشاء أرشيف صوتي ومرئي يُتاح للباحثين وللأجيال القادمة، مما يعزز العمل التشاركي بين الحكومة والمجتمع المدني.

 

وعلى صعيد الخدمات المباشرة للمواطنين أطلقت المحافظة حملات تطوعية لتنظيف الشواطئ والميادين العامة، بما يتماشى مع روح الانتصار والعمل الجماعي التي تجسدت في معركة 1250، كما نظمت مديرية التضامن الاجتماعي بالتعاون مع الجمعيات الأهلية قافلة طبية للكشف المجاني على قاطني القرى والأحياء المحيطة بمركزي كفر البطيخ ورأس البر، الأمر الذي منح الاحتفالية طابعاً إنسانياً وخدمتياً إلى جانب الجانب الثقافي.

 

تشهد مدينة دمياط اليوم زخماً كبيراً في حركة الأسواق والمقاهي والمطاعم التي أعدت قوائم خاصة بالمأكولات الدمياطية الأصيلة احتفاءً بالعيد القومي، حيث ارتفع الإقبال على السمك الطازج والمشغولات الخشبية التي تشتهر بها المحافظة، مما يعكس القيمة الاقتصادية التي تضيفها هذه الفعاليات إلى حركة السياحة الداخلية وتوفير فرص عمل للشباب، وهو ما أكده عدد من التجار على ضفاف النيل بأن الاحتفالات تعيد روح الحياة للمدينة وتدعم عجلة الاقتصاد المحلي.

 

في الختام ومن المتوقع أن تستمر فعاليات عيد دمياط القومي حتى مساء اليوم، حيث يختم الحفل بإقامة حفل فني يضم فرق فولكلورية وموسيقيين شعبيين يؤدون الأغانى التراثية التي تغنى ببطولات الأجداد وأمجاد دمياط عبر القرون، ومن المنتظر أن يختتم الحفل بباقة ألعاب نارية ترمز إلى نور الانتصار الذي أضاء طريق المدينة نحو الحرية والاستقلال لتجسد روح المناسبة والتاريخ العريق الذي يفتخر به أهالي دمياط سواء داخل مصر أو خارجه.