في تصعيد سياسي لافت داخل الأوساط الأوروبية، طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، يوم الإثنين، باستبعاد إسرائيل من مسابقة "يوروفيجن" الغنائية، معتبرًا أن مشاركة إسرائيل في المسابقة رغم حربها المستمرة في غزة، يتنافى مع المبادئ الأخلاقية والإنسانية التي تقوم عليها الفعاليات الثقافية في أوروبا.
وفي تصريحات نقلتها وكالة فرانس برس، قال سانشيز: "لا يمكننا أن نطبق معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالثقافة. إذا تم استبعاد روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، فإن إسرائيل لا ينبغي أن تشارك أيضًا"
وتأتي هذه التصريحات في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة لإسرائيل داخل الساحة الأوروبية، على خلفية العمليات العسكرية المتواصلة في قطاع غزة، والتي دخلت شهرها التاسع وأوقعت آلاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، وفق إحصاءات من وزارة الصحة الفلسطينية وهيئات دولية.
لم تقتصر موجة الرفض الأوروبي على المواقف السياسية، بل امتدت إلى الفضاء الإعلامي، حيث شهدت النسخة الـ69 من مسابقة "يوروفيجن"، التي أقيمت في مدينة بازل السويسرية، مواقف احتجاجية واضحة من قنوات تلفزيونية أوروبية.
فقد قام التلفزيون البلجيكي ببث شاشة سوداء خلال عرض المسابقة، تخللها بيان رسمي جاء فيه: "ندين انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل وتدميرها لحرية الصحافة لذلك؛ نُوقف الصورة للحظة. أوقفوا إطلاق النار الآن، أوقفوا الإبادة الجماعية"
وهو نفس التوجه الذي اتبعه التلفزيون الإسباني، إذ استخدم البث المباشر للمسابقة كمنصة للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، والتنديد بما وصفه بـ"الجرائم المستمرة ضد المدنيين".
تصريحات سانشيز أعادت إلى الواجهة النقاش الأوروبي حول ازدواجية المعايير، خاصة في ما يتعلق بتطبيق العقوبات أو المواقف الرمزية بناءً على مواقف الدول من الحروب والنزاعات فبينما تم استبعاد روسيا من "يوروفيجن" عام 2022 بعد غزوها لأوكرانيا، لم تتخذ هيئة الإذاعة الأوروبية (EBU) أي خطوة مماثلة تجاه إسرائيل، رغم استمرار عملياتها العسكرية في غزة منذ أكتوبر 2023.
ويبدو أن رئيس الحكومة الإسبانية أراد من خلال موقفه هذا الضغط على مؤسسات القرار الثقافي الأوروبية لتوحيد المعايير، وعدم الاستمرار في سياسة "الكيل بمكيالين" التي باتت تحرج الاتحاد الأوروبي في العديد من المحافل الدولية، خاصة مع تزايد الضغوط الشعبية والحقوقية.
تثير مشاركة إسرائيل في "يوروفيجن" منذ سنوات جدلًا واسعًا، خاصة من قبل حركات المقاطعة (BDS) والمجتمع المدني المناهض للانتهاكات الإسرائيلية وقد تصاعدت الاحتجاجات هذا العام مع اتساع نطاق الحرب في غزة، ما جعل الجانب الرمزي من المشاركة محل انتقاد شديد، في ظل الدماء التي تُسفك يوميًا في القطاع المحاصر.
ورغم محاولات منظمي "يوروفيجن" الإبقاء على الطابع الفني والثقافي البحت للمسابقة، إلا أن الواقع السياسي بات يفرض نفسه بقوة، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالقيم الإنسانية والعدالة الدولية.